رجال الألفية الثالثة يقتربون من الأنوثة أكثر

[align=center]
الرجال يتحوّلون ، فهُمُ في قلب النمو ، وفي قلب المتاعب أيضاً. المواجهة الشخصية لم تعد قضية مقتصرة على بعض المعذبين ، لأن التحول الشخصي صار ظاهرة محتومة. أزمة هويات الرجال ، ومثلها أزمة هويات النساء ، تشكل في عصرنا أهم محرك للتغيير الجواني.

تمر الهوية الذكورية ، في عصرنا ، بأزمة تحوّل عميقة قد تدوم عقوداً كثيرة. فالبعض يعبّرون عن هذه الأزمة بطريقة مفرطة ، إذ يقولون:"لم يعد هناك رجال ، وقد صارت الفحولة الذكورية مهددة". فإذا كان الرجال قد صاروا أقرب إلى المرأة مما كانوا عبر العصور الماضية ، وأقرب إلى أنفسهم ، فإنه يبدو من الملح تحليل الطفرات التي يعيشونها في الوقت الحالي. فكيف الخروج من الأزمة ، وكيف المساعدة على الانتقال إلى ذكورة متجددة ، وإلى فحولة جديدة؟

إذا وعى الرجل الجوانب التي تتعايش فيه ، من ميراث جماعي ، وعائلي ، وفردي ، استطاع أن يسرّع تطوره الشخصي.

سبع مراحل أساسية تقترحها الفيلسوفة ، والمحللة النفسية الفرنسية ، بول سالومون Paule Salomon في هذا الكتاب. مراحلُ يجب أن يستكشفها الرجل حتى يتجاوز عوائقه النفسية اللاواعية ، ويصل إلى فهم ذاته واستيعابها. لقد بات في مقدور رجل ط§ظ„ط£ظ„ظپظٹط© ط§ظ„ط«ط§ظ„ط«ط© أن يكون انفعالياً (مستسلماً) وفعّالا (مؤثراً) ، وأن يجمع ما بين القوة والرقة ، وأن يعيد بناء الجسور مع أنوثته الابداعية وما تحمله من طاقات مجهولة ، وأن يستكشف أغوار ذاته العميقة.

بعد مؤلفاتها "المرأة الشمسة" ، و"جنون الزواج المقدس" ، و"نور الحب الحارق" ، تواصل بول سالومون ، بكتابها "الرجال يتحوّلون" ، تحليلها لأزمة الهوية التي يتخبط فيها الرجال والنساء على السواء. ففي رأيها أن هذه العملية هي المحرك الأساسي للتحول الجواني الذي لم يسبق للكائن البشري أن امتلكه كما يمتلكه اليوم.

صُور الرجل النمطية القديمة ، من بطل ، إلى ربّ أسرة حنون ، وعاشق ولهان ، صورّ لم تعد تشتغل اليوم. لقد أصبحت الكليشيهات فارغة بلا مضمون يحركها. لكن ما الذي يجعل الرجال أسرى لانفعالاتهم الطفولية ، ولسلوكهم المهيمن على المرأة في آن واحد؟ وما الذي يدفعهم ، خارج ذواتهم ، نحو حب السلطة والجاه والمال؟ ما هي هذه التشنجات الاستحواذية التي تلح على الدائرة المغلقة من الألم ومن الشقاء الذي ينتقل من جيل إلى جيل؟ الرجل الحقيقي لا يسعه أن يظل محارب الأمس ، هشاً وفارغاً من خلف قساوة البناء. الرجل المسكون من الداخل ، الرجل الذي يملك روحاً حية ، هو الرجل الذي يولد اليوم من جديد.

"الرجل القمري" ، على نحو ما تصفه بول سالومون ، ليس الرجل المخنث بالمعنى المحقّر والمدنس للكلمة ، أي الرجل الذي فقد فحولته ، بل هو رجل متطور ، لأنه يدمج ، ولو جزئياً ، جانبه الأنثوي. إنه يعيش انقلاباً في القيم ، وتحوّلاً في الذات. وهو يندرج ضمن عالم لم يعد فيه ضحية مجروحة ، بل مبدعاً. لا شك أن بضعة رجال عبر التاريخ قد حققوا هذا المسار من التحول العميق ، لكن كان لا بد من انتظار هذا العصر حتى تصبح الحضارة معنيّة بهذه التحولات.

لقد عاش الرجال في القرن العشرين في أزمة ، لأنهم فقدوا معالمهم ، ولأنهم تجزأوا بفعل حساسيتهم المفرطة.

"الرجال يتحوّلون" ، كتاب تقترح فيه بول سالومون ، محوراً للنمو النفسي ، وخطوطاً عريضة لوجه هو بصدد الولادة. لأن أي رجل يرغب في الخروج من سبات اللاوعي الذي يحبسه المجتمعُ فيه ، ويملك الإرادة في أن يكف عن اللعب مثل الأطفال ، يجب أن يجد شكلا جديداً للتصوّر الذكوري. لقد رأينا أن النماذج القديمة قد أصبحت بالية. إن الرجل الصحيح ، الحقيقي ، الصادق لا يسعه أن يظل "كوبوي الأمس".

المفارقة في كتاب "الرجال يتحوّلون" أنه كتاب وضعته امرأة. كيف يسع امرأة أن تساهم في ميلاد ذكورة جديدة؟ فهنا تحديداً يبرز عنصر مهمّ كان مجهولاً جداً ، وهو أن المرأة أيضاً ، تحمل في ذاتها العميقة رجلا. فهو يتجسد في داخلها بصورة أكثر حميمية. المرأة تعرف جانب الظل الذكوري فيها أحسن مما يعرفه الرجل ، مثلما يعرف الرجل جانب الظل الأنثوي فيه أحسن مما تعرفه المرأة. لذلك حاول العديد من الرجال أن يكتبوا في إبداعاتهم الأدبية والفنية ، عن النساء. فهم بذلك يحاولون ، ولو عن غير وعي منهم ، أن يحدّدوا البعد الأنثوي فيهم. لكن قلما كتبت النساء عن الرجال ، لأن هذا الجانب الذكوري فيهن ، أي "الأنيموس" ظل طويلا مغموراً تحت غطاءات النظام الأبوي الذي ساد الحضارات أزمنة طويلة. لكن هذا الوضع بصدد التحوّل في وقتنا الحالي. لقد بدأت المرأة تحس بنمو الجانب الذكوري فيها من الداخل ، وصار بإمكانها تحويله إلى الخارج ، أي بتجسيده في الواقع الذي تعيشه.

عبارة "الرجل القمري" أثارت ردود فعل سلبية للغاية. فبقدر ما كانت كلمة "شمس" في كتاب بول سالومون "المرأة الشمسية" ، مُثَمّنةً للنساء ، بقدر ما كانت كلمة "قمر" متّهَمةً بالدونية والنقص. لقد تعرض القمر على مدى قرون من الزمن لنفس ما تعرضت له المرأة ، حيث اهتم الإنسان بسلبية القمر أكثر من اهتمامه بما يحمله من حكمته. لكن ، مع ذلك ، فإن الرجال الذين ساروا على طريق النمو النفسي ، يقرّون بقيمة هذه الكلمة التي باتت تشير إلى قدرتهم على أن يصبحوا قابلين للتأثر بقدر ما هم فاعلون مؤثرون.

تقول بول سالومون في أحد مقاطع الكتاب: "الحكمة ليست كلمة فارغة ، ولا سلوكاً يضطلع به المطلعون على بعض الأسرار الخفية. إن حكمة السعادة مسجلة في جوف وضعنا البشري. فما أحوجنا لأن نعرف أنفسنا ، ولأن نفهم أنفسنا ، ولأن نفهم غيرنا. وذاك ، بلا شك ، عملّ يمتد على مدى حياة بكاملها.[/align]

موفق بإذن الله … لك مني أجمل تحية . جزاك الله الف خير

مشكوووووورة ..والله يعطيك العافيـــــــ ــــــــة..

موفق بإذن الله … لك مني أجمل تحية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.