تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الرجاء

الرجاء

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (218) سورة البقرة

الرجاء حاد يحدو القلوب إلى بلاد المحبوب, ويطيب السيرإلى العزيز القديرإنه استبشار بجود الرب, وطمع فى كرم الكريم, وأمل فى رحمة الرحيم, وثقة فى فضل العظيم , ونظر إلى سعة الرحمة, وجميل العفو, والامتنان بالغفران, والتعلق بالمحسن المتفضل, ولولا روح ط§ظ„ط±ط¬ط§ط، لعطلت عبودية القلب والجوارح, وهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا. لولا روح ط§ظ„ط±ط¬ط§ط، ما تحركت الجوارح بالطاعة, ولما ترنمت الألسنة بالدعاء, ولما فاضت القلوب بالثناء0

إن ط§ظ„ط±ط¬ط§ط، دليل على محبة الله, وثمرة من ثمرات الخوف, وكل محب على الحقيقة فهو راج لله خائف من عذابه, وعلى قدر تمكن المحبة فى القلب يشتد ط§ظ„ط±ط¬ط§ط، والخوف0

إن المؤمن بين ذنب يرجو غفرانه ,وعيب يرجو صلاحه, وعمل صالح يرجو قبوله, واستقامة يرجو حصولها , وصراط يرجو الثبات عليه, وقرب من الله يرجو وصوله إليه0

فالرجاء حياة للقلب , ونور للعين, وجلاء للبصيرة , وحافز للعمل , وإن الخوف ملازم للرجاء, والرجاء ملازم للخوف, وهما كجناحى الطائر, إذا استويا استوى الطير وتم طيرانه , وإذا نقص احدهما وقع فيه النقص , وإذا ذهبا فقد أصبح الطير فى عداد الموتى وجملة المفقودين0

إن هذا الدين العظيم , والنهج الأكمل, يربي الناس على الرغبة والرهبة , والخوف والرجاء , فكما أن هنالك من آيات الترهيب وأحاديث التخويف ما يزلزل النفوس , ويهز الافئدة, ويرهب القلوب, فإن هنالك من آيات الترغيب وآحاديث ط§ظ„ط±ط¬ط§ط، ما يطمئن النفس , ويسلى القلب , ويؤنس الخاطر, ويبعث على الأمل 0

قال تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} (167) سورة الأعراف
وقال تعالى{نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ(49)وَ أَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ(50)} سورة الحجر
وقال تعالى{إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيم(13)وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ(14)} سورة الإنفطار
وقال تعالى {فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ (6)وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ(9)} سورة القارعة

وقال صلى الله عليه وسلمط®ظ„ظٹط¬ظٹط©(لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة, ما طمع بجنته أحد , ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة , ما قنط من جنته أحد))0

وقال صلى الله عليه وسلم ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©(الجنة أقرب إلى احدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك ))0

ومن الواجب على العالم فى علمه , والمربى فى تربيته , والواعظ فى وعظه أن يجمع بين الأمرين , ويقرن بين الحسنيين , ويمزج بين الغرضين , فليس التخويف بمفرده سبيل للعلاج , وأداة للتقويم , وطريقة للدعوة , بل قد يكون ط§ظ„ط±ط¬ط§ط، أجمل , والترغيب أوقع , وإن المتأمل لكتاب الله تعالى ولسنة نبيه صلى الله عليه وسلم يجد جانب الترغيب , ونصوص ط§ظ„ط±ط¬ط§ط، , أكثر عددا وأجمل موقعا , وألذ سماعا , وأطرب استمتاعا0

والرجاء ليس له قيمة ولا تبدو له فائدة , ولا تنال منه ثمرة إن لم يكن مصحوبا بالعمل , مقرونا بالطاعة , ممزوجا بالعطاء , فليس معنى ط§ظ„ط±ط¬ط§ط، أن ينغمس المرء فى الذنوب , ويتقاعس عن الطاعة , ويتنكر للعبادة , ويفرط فى الحقوق , ويضيع الواجبات , ثم يرجو النجاة من النار والفوز بالجنة , بل هو يعمل ويرجو , ويجتهد ويطمع , ويبذل ويرغب , وهو معترف بتقصيره مقر بذنوبه , مؤمل فى نيل غفران ربه0

وإذا تأملت الآيات القرآنية أدركت هذه الحقيقة , وآمنت بهذا المبدأ:انظرإلى قوله تعالى :{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (218) سورة البقرة

وانظر الى قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ(29)لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ(30)} سورة فاطر

وانظر الى قوله تعالى :{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} (9) سورة الزمر

فهؤلاء الذين تعلقوا بالرجاء , وطمعوا فى العطاء كانت لهم مؤهلات ولديهم مسببات , يقول الحافظ بن حجر _رحمه الله_ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©(المقصود من ط§ظ„ط±ط¬ط§ط، أن من وقع منه تقصير فليحسن ظنه بالله ويرجو أن يمحو عنه ذنبه , وكذا من وقع منه طاعة يرجو قبولها , وأما من انهمك على المعصية راجيا عدم المؤاخذة بغير ندم ولا إقلاع فهذا غرور , وما أحسن قول أبي عثمان الجيزى: من علامة السعادة أن تطيع وتخاف أن لا تقبل , ومن علامة الشقاء ان تعصى وترجو ان تنجو))0

وقد روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه دخل على شاب وهو فى الموت فقال ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©(كيف تجدك؟)) قال:والله يارسول الله إنى أرجو الله وإنى أخاف ذنوبي , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©(لا يجتمعان فى قلب عبد فى مثل هذا الموطن إلا اعطاه الله ما يرجو وآمنه مما يخاف))0

المؤمن كلما كثرت ذنوبه , وتعددت هفواته يكون رجاؤه فى الله أعظم , وطمعه فى مغفرته أكبر , فان أسواط الذنوب , ولذعات المعاصى تحرك القلب وتؤنب الضمير , وتدعو الى المناجاة , ومتى ما انقدح فى ذهن العبد أن الذنب من سماته , والخطأ من لوازمه , وأن له ربا غفورا كريما يغفر الذنب , ويأخذ بالذنب فقد وصل إلى مرتبة رفيعة ومنزلة عاليه , يقول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه جل وعلا أنه قالط®ظ„ظٹط¬ظٹط©(أذنب عبد ذنبا , فقال اللهم اغفر لى ذنبي , فقال تبارك وتعالى :أذنب عبدى ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب , ثم عاد فأذنب , فقال: أى رب اغفر لى ذنبي . فقال تبارك وتعالى : عبدى أذنب ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب ثم عاد فأذنب . فقال : أى رب اغفر لى ذنبي فقال تبارك وتعالى : أذنب عبدى ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب . اعمل ما شئت فقد غفرت لك ))

ومن أروع ما قرأت , وأجمل ما وجدت من كلمات ط§ظ„ط±ط¬ط§ط، , كلمات بديعة , وعبارات موحية لإمام من أئمة الدين , وأستاذ من أساتذة البيان , وهو يحيي بن معاذ_رحمه الله_حيث يقولط®ظ„ظٹط¬ظٹط©(يكاد رجائى لك مع الذنوب يغلب رجائى لك مع الأعمال , لأنى أجدنى أعتمد فى الأعمال على الإخلاص , وكيف أصفيها وأحزرها وأنا بالآفات معروف ؟وأجدنى فى الذنوب اعتمد على عفوك , وكيف لا تغفرها وأنت بالجود موصوف؟))0

وقال أيضا : ((إلهى , أحلى العطايا فى قلبي رجاؤك , وأعذب الكلام على لسانى ثناؤك , وأحب الساعات إلي ساعة يكون فيها لقاؤك))


(يكاد رجائى لك مع الذنوب يغلب رجائى لك مع الأعمال , لأنى أجدنى أعتمد فى الأعمال على الإخلاص , وكيف أصفيها وأحزرها وأنا بالآفات معروف ؟وأجدنى فى الذنوب اعتمد على عفوك , وكيف لا تغفرها وأنت بالجود موصوف؟))0

جزآآآآك الله ألف خير ….~
وجعله في موازين حسناتك

لرجاء ليس له قيمة ولا تبدو له فائدة , ولا تنال منه ثمرة إن لم يكن مصحوبا بالعمل , مقرونا بالطاعة , ممزوجا بالعطاء , فليس معنى الرجاء أن ينغمس المرء فى الذنوب , ويتقاعس عن الطاعة , ويتنكر للعبادة , ويفرط فى الحقوق , ويضيع الواجبات , ثم يرجو النجاة من النار والفوز بالجنة , بل هو يعمل ويرجو , ويجتهد ويطمع , ويبذل ويرغب , وهو معترف بتقصيره مقر بذنوبه , مؤمل فى نيل غفران ربه0

أستغفر الله " أستغفر الله : أستغفر الله
كلمات علقت بالذهن واستقرت بالقلب
جزاك الله خير
وجعلها في موازين حسناتك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.