دائما نتحدث عنها لا إليها.. نفترض بها السيئ
قبل الحسن.. تحاول كثيرا أن تخفي حقيقة
أمرها، وكأنها لا تعرف لماذا ارتضت أن تحمل
هذا اللقب، إنها "الزوجة الثانية".. نفتح لها
مساحة للحديث لا للتعاطف أو التحامل.. ولكن
لالتقاط الصورة من قريب.. فهناك من استمرت
ونجحت ولا تشعر بالخزي أو الخوف، وهناك
من ارتضت أن تبدأ الطريق في الظلام لتنتهي في طريق أشد إظلاما، وهناك من تراها
تشعر بالرضا؛ لأنها اختارت أن تكون صمام الأمان الذي أنقذ بيت زوجها من الانهيار،
وأخرى تجدها يائسة تشعر أنها أعطت الكثير وفي المقابل لم تحصل على شيء.
ليس اختيارا
أعتقد أن أكثر من ينظر للزوجة ط§ظ„ط«ط§ظ†ظٹط© نظرة متدنية هو الزوج نفسه، فهو يسعى خلفها
بقوة وإصرار، لكن بمجرد أن يقع الزواج سرعان ما يفيق، وكأنها هي من تلاعبت به.
بهذه الكلمات بدأت "ولاء" حديثها في وصف زوج الاثنتين لتكمل.. بعدها يبدأ في ترديد
كلمات مثل "هي الأصل – هي الأولى"، وينسى تماما أنها أيضا حلمت بشاب يكون لها
وحدها لا تشاركها فيه أخرى، لكن ظروف حياتها هي التي أجبرتها.
"ولاء" فتاة في مقتبل العمر كان قد عقد قرانها على شاب أحبته كثيرا، لكنه توفي قبل
الزفاف، ومرت أعوام خمسة ولم يتقدم أثناءها للأرملة العذراء إلا المتزوجون، عندها
شعرت أن هناك حكما من المجتمع صدر في غير صالحها، وأنها بمقتضاه لن تكون
زوجة لشاب آخر لم يسبق له الارتباط، وأمام ضغوط اجتماعية واحتياجها لتكوين أسرة
وافقت آخر الأمر على أن تكون ط§ظ„ط²ظˆط¬ط© الثانية، لكنها تنصح أي فتاة وضعها القدر أمام
هذا الاختيار أن تسرع بالإنجاب، ولا تستمع لأي آراء مخالفة، فهي تعتقد أن سبب
استمرار الزواج، سواء في البيت الأول أو الثاني هو الأبناء.. والأبناء فقط.
أحتاج لرجل
تحكي لنا المحامية (وفاء) تجربتها مع الزواج الثاني.. أنا سيدة في الرابعة والثلاثين من
عمري، يفتخر بي أهلي دائما لنجاحي في عملي وتصميمي على إكمال دراستي العليا..
أعمل محامية والجميع يلقب أبي بـ"أبي الأستاذة"، وذلك لنجاحي وشهرتي في مجالي، لكن
كل هذا جاء على حساب حياتي الشخصية.. لم أكن مغرورة أو غافلة، لكن على مدار
الطريق الطويل لم يتقدم لي الشخص المناسب، وكنت كلما ارتقيت في عملي شعرت أن من
حقي أن أختار الشريك المناسب الذي يتفاهم معي وأميل إليه، وعندما وصلت للثلاثين
توفي أبي، ولا يمكن لأحد أن يتخيل حسرتى عليه، تمنيت لو يمتد به العمر ليراني يوم
زفافي، ولكن لا تأتي الرياح بما تشتهي السفن، وأكملت حياتي وأخذت فكرة الزواج تبتعد
حتى التقيته.. طبيب يكبرني بعشر سنوات، تعرفت عليه في مكتبي كأحد الموكلين، وبعد
عدة مقابلات عمل عرض علي الزواج رغم أنه متزوج ولديه ولدان، لكنه تعلل بأنه غير
سعيد في حياته الزوجية لصعوبة طبع زوجته التي ذهبت رقتها بعد الزواج، وأصبحت
تتباهى عليه بأهلها ومكانتهم، وحكى لي عن مشاكل كثيرة بينهم وصلت إلى الطلاق، لكن
خشيته على أولاده جعلته يتراجع ويقرر الاحتفاظ بزواجه، على أن يرفق بنفسه ويجد من
تساعده على تحمل هذه الحياة.
وتكمل "وفاء" وافقت على الزواج منه ولم أشترط عليه إخبار زوجته الأولى، كان كل ما
يهمني أن يتم الأمر بشكل رسمي وعلني، وهذا ما حدث، ولكن بعد عامين فقط اكتشفت
المأزق الذي وضعت نفسي فيه.. فسطوة أهلها ونفوذهم جعلها لا تعكر صفو حياته وحده
ولكن حياتي أيضا معه.. اختلقوا لي مشاكل في العمل.. ضايقوا أهلي.. ولم يستطع زوجي
أن يحميني منهم.. وانتهت القصة سريعا.
وتختم المحامية قصتها قائلة: ليس الخطأ أني ارتضيت أن أكون زوجة ثانية، ولكني
خضت التجربة دون دراسة كافية، والآن وقد عاد لها بعد طلاقنا لم نجن من هذا الزواج
إلا الحزن على الفراق؛ لأني أعلم أنه لن يكون سعيدا معها في يوم من الأيام.
زواج الليل
مطلقة لم يرزقها الله بأولاد، ولكنها ما زالت في سنوات الشباب، لذلك لم تتردد أن تكون
زوجة ثانية، فهي تبحث عن الأمومة من ناحية، كما أن ط§ظ„ط²ظˆط¬ط© الأولى راضية بهذا
الوضع من ناحية ثانية.
تروي "ن" قصتها قائلة: من داخلي أشفقت عليها، ولكني حاولت أن أتقي الله فيها،
فاستشرت علماء الدين الذين نصحوني بخوض التجربة على أن أساعده دائما على أن
يعدل بيننا، ولكن الأمر لم يكن يحتاج جهدا، فقد كان متخذا قراره ويعلم في أي الناحيتين
سيوقع ظلمه، فقد تزوجني لا ليقيم معي أسرة، وإنما ليجد معي ساعات لذة يمتص فيها
شبابي، فطوال النهار يكون في بيته يعيش وسط أولاده يأكل ويخرج معهم، وأنا لا يعرفني
إلا سويعات الليل، يأتيني فيها متأخرا ويغادر مبكرا في الصباح.
ولكم أن تتخيلوا المهانة التي أشعر بها، لقد قال لي مرة على سبيل المداعبة: "لو كنت
امرأة ما ارتضيت بنصف رجل"، وما زال الوضع على ما هو عليه، ترى من منا التي
حظيت به؟! لا أعرف، لكني ما زلت مستمرة في هذا الزواج عسى أن يرزقني الله بطفل
يعوضني عن هذه التعاسة، ولا ضرر وقتها حتى لو فكر في الزواج بثالثة.