تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » مات ولم يخبر احداً ،، قصة النسيان

مات ولم يخبر احداً ،، قصة النسيان

قصة شبه قصيرة

أتمنى تنااال اعجاابكم

بعد سنين غادر المدنية ونسي كل ما فيها من ذكريات حاملاً ألمه داخل قلبه مهاجراً إلى أي مكان لا يعرفه فيه أحد، لم يكن من الأغنياء كما أنه لم يكون فقيراً لقد غني بنفسه وقلبه يملك فيه الملايين وفجأة يسلب منه كل شيء يموت الحب وتنتعش الأحزان من جديد.
لم تكن رحلته هذه هروب من واقع أليم يعيشه ولكن كان يتمنى أن ينسى ما حدث له في هذه المدينة التي ما لبث أن اشتاق إليها كثيراً إلى أن فارقها.
مضى في طريقة والحزن يعتصره في كل لحظة وجحيم الفراق يحرقه، مضى في الطريق ينظر إلى التراب فيقول إليك سأعود ولكن متى؟ يقف لحظة أمام جدول من الماء فيشرب ويقول كانت مثل هذا ثم يبكي حتى يصبح الماء مالحاً من دمعه، وحينما خيم الظلام وعم السكون والهدوء ينظر إلى النجوم وهو مستلقي على الأرض يفكر تارة ويقوم بعد النجوم تارة أخرى أخذه التفكير بعيداً حتى بدأ يسأل نفسه ماذا أريد؟ وإلى أين سأذهب ؟ لم يكن يعرف قبل أن يسأل نفسه أنه لن يتقدم خطوة واحدة حتى ينسى ويفكر فيما سافر وهاجر من أجله .
أصبح تائه الفكر نسي إنما سافر لأجله هو ط§ظ„ظ†ط³ظٹط§ظ† ولاشيء غيره، لم يستيقظ من أفكاره التائهة إلا على ضوء الشمس يلفح جبينه فستظل بظل شجرة ونام بعدما أجهد عقله بالتفكير ولكي يحلم حلم جميل ليس فيه من الأحزان.
" في المساء"
أفاق من نومه لم يتذكر ما حلم به لأنه كان شديد الإعياء أحس بدمع على خديه فتأكد أن صورة الفراق مازالت في ذهنه ولن تذهب للأبد ، أخذ يبكي كعادته قبل أن يتناول طعام إفطاره ، وأخيراً حاول أن يتوصل إلى قرار ويكون صادقاً مع نفسه ولو لمرة .
مضى في طريقه ينشد الألحان ويتغنى بها حتى أستقر إلى المكان الذي ساقه القدر إليه كانت أول خطوة قام بها هو بناء منزل ليس منزل وإنما كوخ صغير يحفظ الآهات والأنات إن أطلقها ويمسك عليه حزنه الذي لا يريد أن يظهره للناس.
بحث عن عمل فوجد وأعتاد أن يتم عمله ويعود إلى منزله دون أن يتكلم مع أحد مع الناس، وفي ليلة سمع صرخة رجل بجوار منزله ، فخرج مسرعاً وإذا به رجل في الثلاثينات من عمره يتأوه ويتألم، فدنا منه ووجده مطعون بسكين في ظهره فهب ليساعده ولكن تفاجأ بالرجل يقول: أرجوك ابتعد لا تنقذني فأنا لا استحق الحياة أرجوك ابتعد. أخذه الذهول وهو يسمع كلام الرجل ، أخذ يسأل نفسه لماذا لا يريد الحياة ؟ هل الحياة بهذا السوء حتى يكرهها وأكرهها ويكرهها غيرنا. وبعد هذه الحيرة راح الرجل في إغماءه ثم أخذه إلى المستشفى ، ثم عاد إلى منزله وتلك الكلمات ما زالت في ذهنه والتي أطلقها ذلك المجروح ، وفارق هذه الأفكار عند غرقه في النوم.
أشرقت شمس اليوم التالي ولا يزال نائماً حتى الزوال، واستقيظ بوجهه المهموم المعتاد على الحزن فتح النافذة :- لقد تأخرت في الذهاب إلى العمل لن أذهب ن وخلد في هذا اليوم للراحة، جلس على كرسي في مكتبه واخذ القلم فتحركت أنامله تكتب بلا شعور ثم كتب " أين السعادة لم أجدها في أي مكان وكأني ابحث عن شيء مستحيل ، أصبحت مثل قصيدة كلما قرأها إنسان يقول يا للكآبة والإحباط ويرمي بها في سلة المهملات ، أنا لم أعد إنسان بل ما في داخلي بقايا إنسان قد تحطم وأنهارت كل معانيه ، ارتفعت الأهازيج حوله بالفرح ول يزل الحزن يغطيه، لم اكن أعلم عن أي شيء سوى أنني أمشي بلا عقل قلبي من كان يفكر ويقرر وأنا بسذاجتي أنفذ كخادم مطيع ، والآن لا أتمنى من هذه الحياة إلا الموت فهو راحة وانتقال وهجر لهذه الدنيا المليئة بالمعارك والمهازل والخيانة لا يوجد شيء فيها يجعلني أحبها وأكره الموت ، لقد عشت وحيداً في كل الظروف ، هذه الظروف هي من أجبرني على الرحيل من مكان سيئ إلى آخر مثله ، فالبشر مهما تغيرت الوجوه تبقى الأطباع والغرائز ثابتة فالحسد والحقد والطمع والنميمة والنفاق موجود إلى أن تقوم الساعة.
وهذه هي الحياة تجري وتطحن معها كثير من البشر التي تسوقهم الدنيا الهاوية والسقطات دون أن تشعر عقولهم بالخطر مثلي أنا حينما تبعت قلبي وسجنت عقلي وراء قضبان الغباء ، هذا أنا بكل صراحة فهل أستحق أن أعيش.
توقف قلمه عن الكتابة فجأة وأعاد قراءة الكلمات ، لقد رسم أو كتب ما بداخله دون أن يدري،ثم أخذ يبكي حتى ابتلت الأوراق وأصبح الحبر بالدمع ممزوج .
أخذت السنين تجري وتمر وبعد مرور عشر سنوات ، أصبح من أكبر تجار تلك البلاد واستغل وضعه هذا في أعمال الخير وإسعاد الناس كان يريد أن يرى السعادة في عيون الناس والتي حرم منها طيلة أيامه الفائتة ، تصوروا عجز عن إيجاد السعادة له فحاول البحث عنها في حب الناس وعيونهم التي تنظر إليه ، فأحبوه لأنه كان يعطي بلا حدود ومرت الأيام وكرمه يزداد بزيادة ماله ونفوذه لم يفكر أبداً أن يظلم فقيراً أو أن يمنع مسكيناً أو يغصب حقاً غير مشروع له ، فعهده الناس قمة في كل شيء.
كان يعيش في منزل فسيح لوحده وذات يوم جاءت إليه عجوزاً تشكوا إليه فاقتها وضعفها وتطلب منه المساعدة، وكعادته قام بالواجب فأكرمها وأجاب سؤالها، فأخذت تدعوا له وسألته : هل لديك أولاد. قال: كلا فأنا لم أتزوج بعد .قالت:- إذاً لمن ستترك الثروة الطائلة وكرمك اللا محدود ألا تريد أن تنجب رجلاً معطاء مثلك يعمل في الناس خير مثل ما أنت عليه الآن ثم رحلت ، أخذت كلماتها ترن في جوفه مسترجعاً شريط الذكريات الماضية في تللك السنين الغابرة ، تذكر والده وهو يلح عليه بالزواج من فتاة لا يريدها فتوقفت الذكريات على صورتها وبدأ الدمع بالجريان ، لم يكن يبكي لأنه ضاع من عمره سنين دون فائدة ولكن كان سبب بكائه أنه لم يحقق رغبة طالما حلم بها تذكر حبيبة له فارقها وهي تموت بين مشارط الجراحين وتركها وهي في الرمق الأخير.
أخذ يفكر فقرر أن يتزوج ولكن من هي التي ترضى به وقد جاوز الخامسة والثلاثين من عمره لم تكن فكرة الزواج نابعة من حب للنساء وما شابه ذلك ولكن كلمات العجوز أثرت في نفسه فأراد أن يكون عطاءه بلا حدود وأن يبقى له الذكر في الدنيا بعد رحيله عنها. أخذ يبحث حتى أضناه التعب ولكن لم يجد ، وبعد مرور شهور همس أحد له أصدقاءه أنه وجد فتاة قد تناسبه ولك أن تراها حتى إذا ما أعجبتك بإمكانك عدم المضي قدماً في هذا الأمر، قال لصاحبه:- لم أطلب منها المال فالخير كثير أو الجمال ولكن الدين والخلق ، قال صاحبه :- وهذه أجمل خصالها ، ذهب إلى ذويها فأعجبه حالهم وبساطتهم وحسن خلقهم وتزوجها ، مرت الأيام وهي معه وكانت كل يوم تتعلق فيه أكثر وأكثر كان يبادلها نفس الشعور ولكن بعقله لم يخفق قلبه من أجلها إلا مرة واحدة هي الأولى والأخيرة. وهي آخر مرة رآها حينما جاء موعد الولادة ولدت طفلا وفارقت هي الحياة بعد خروجه إلى الدنيا بثواني،
حمل الطفل إليه وحملت أمه إلى مثواها الأخير، حين رآها أحس أنه كان يحبها وبكى على فراقها وعندها نبض قلبه قبل أن تدخل غرفة العمليات.
حمل الطفل اليتيم إلى منزله وقلبه يعتصر حزناً ليس على حظه التعس وحاله الحزين وإنما على طفل بريء سيعيش يتيماً محروم من أمه طيلة حياته وإلى أن يموت ، لأن الأم هي الإنسان الذي يتعلم الطفل منها أول الكلمات هي من يختص قلبها بالدفء والحنان هي التي تحت قدمها أرض الجنان.
ضم ابنه إلى جنبه وبكى كبكاء طفله الذي بين أحضانه ، وقد فقد كل شيء ولأن ط§ظ„ظ†ط³ظٹط§ظ† نعمة في بعض الأحيان أخذ يربي ولده ويعلمه وينصحه ويقيم فيه المبادئ والقيم التي كان يحلم أن تكون فيه . مع مرور الأعوام نسي نفسه وإذا بالمشيب يعلو هامته وابنه قد بلغ أشده فجلس ذات يوم يكلمه قائلاً له :
تزوجت أمك قبل ميلادك بعام فكانت نعم الزوجة والأخت لم تضايقني طيل حياتي معها وماتت بعد ولادتك بدقائق ، لا تبكي ولا تحزن يابني فلابد أن تعرف لأن هذه الدنيا اجتماع وفراق ووداع ولقاء
والدك لم يشعر بالسعادة حتى وأنت أول فرحة لي حينما حملتك كــنت يتيماً كنت أبكي فتسقط دموعي
على وجهك البريء فتمسحها بلا شعور.. بادره ابنه بسؤال قبل أن يكمل :- أبي هل كنت تحب أمي ؟
نزل السؤال على قلبه كالصاعقة وحارت على لسانه الكلمات أدار رأسه وقال : نعم ، ثم أخذ يسأل عن صفاتها حتى انتهى إلى سؤال يخص أباه فسأله قائلاً : أبي ألم تكن تحب قبل أن تعرف والدتي .
تغير لن وجهه وقال : يابني لا تسأل عن ماضٍ قد مات مثل ما ماتت أمك، ثم قام وانصرف إلى غرفته وشريط الذكريات يمر أمام عينيه أخذ يقلب أوراقاً قديمة كتبها قبل سنين بدمعه وسهره وقهره وحبه لتلك المرأة التي ماتت وبقاياها في داخله لحقه الابن إلى غرفته فوجده يبكي وهو يحمل الأوراق , قال الولد فزعا :ً مابك يا أبي . قال الأب :
لقد ذكرتني بماض لم أشأ بعد الفراق لقيـــــاه وأدميت جراحاً قد أخمدتها السنينا
كدت أكون مثل قيسٍ مجنونٌ بـــــــليــــــــلاه ولكني أمضيت أيــامي حزيـنـــــا
قال الولد : أبي سامحني لم أقصد جرح مشاعرك أو أؤذيك أرجوك أصفح عني. وقبَل رأس أبيه .
قال : يا بني لقد عاهد ت نفسي أن لا أفشي لأحد السر المدفون داخلي إلا بموتي ، فهاك الأوراق وأقرأها .
أخذ الابن يقرأ وهو جالس على كرسيه لا يحرك ساكناً حتى إذا فرغ الابن من القراءة نظر إلى والده فوجده قد فارق الحياة إرتمى الابن على أبيه وأخذ يبكي …… وعندها لا ينفع البكاء .
لقد مات وهو مثقلاً بالجراح ولم يفش سره إلا بموته …
وهكذا انتهت قصة الرجل وأي إنسان تنتهي قصته بموته ومفارقة هذه الحياة…

م
ن
ق
و
و
و
ل

الفيصل

يعطيك العافيه على القصه المنقول بروعه ناقله

يعطيك العافيه

ولك خالص تقديري

الله عليك

يا الفصيل

تسلم على النقل الرائع

خليجية المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مخاوي الفكر خليجية
الفيصل

يعطيك العافيه على القصه المنقول بروعه ناقله

شكــرآ لمرورك العطِــر عزيزي ،،

تقديري لكـ ،،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.