تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الرؤيا والآحلام

الرؤيا والآحلام

الرؤيا والأحلام

لذلك فإن ط§ظ„ط±ط¤ظٹط§ لها منزلة عظيمة ومكانة رفيعة في الإسلام، ولا ينكرها إلا جاهل، وتعجّب كثيرون من حقيقتها، وكيف تأتي الإنسان، وخاض علماء النفس وأصحاب الفلسفة في ذلك كثيرًا، لكن أجاب عن حقيقتها أحد علمائنا وهو المازري رحمه الله إذ قال في حقيقتها: "والصحيح ما عليه أهل السنة أن الله يخلق في قلب النائم اعتقادات، كما يخلقها في قلب اليقظان، وهو سبحانه يفعل ما يشاء، لا يمنعه نوم ولا يقظة، فإذا خلق هذه الاعتقادات فكأنه جعلها علمًا على أمور يخلقها في ثاني الحال أو كان قد خلقها".

والرؤى ـ يا رعاكم الله ـ ثلاثة أنواع، جلاَّها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما رواه ابن ماجه في سننه وصححه الألباني أنه عليه الصلاة والسلام قال: (( إن ط§ظ„ط±ط¤ظٹط§ ثلاث: منها أهاويل من الشيطان ليحزن بها ابن آدم، ومنها ما يهم به الرجل في يقظته فيراه في منامه، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة )).

يقول البغوي رحمه الله: "في هذا الحديث بيان أنه ليس كل ما يراه الإنسان في منامه يكون صحيحًا ويجوز تعبيره، إنما الصحيح منها ما كان من الله عز وجل، وما سوى ذلك أضغاث أحلام لا تأويل لها".

إذًا النوع الأول هي ط§ظ„ط±ط¤ظٹط§ السيئة التي من الشيطان، وهناك آداب شرعية تجاهها، فقد روى مسلم في صحيحه أن أبا سلمة قال: كنتُ أرى ط§ظ„ط±ط¤ظٹط§ فأمرض منها، حتى لقيت أبا قتادة فذكرت ذلك له فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان، فإذا حلم أحدكم حلمًا يكرهه فلينفث عن يساره ثلاثًا ويتعوذ بالله من شرها، فإنها لن تضره ))، قال أبو سلمة: إن كنت لأرى ط§ظ„ط±ط¤ظٹط§ أثقل عليَّ من الجبل، فما هو إلا أن سمعت بهذا الحديث فما أباليها.
لذلك جاء أعرابي كما في مسلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، رأيت في المنام كأن رأسي ضُرب فتدحرج فاشتددت على أثره!! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأعرابي: ((لا تحدّث الناس بتلعُّب الشيطان بك في منامك)).
لذلك للسنة تجاه مثل هذه الرؤى السيئة آداب: أن يتعوّذ بالله من شر ما رأى ثلاث مرات، وأن يتعوذ بالله من شر الشيطان ثلاث مرات، وأن يتفل عن يساره ثلاث مرات، وأن لا يحدّث بها أحدًا ولا يطلب تفسيرها، وقد صح في مسلم أيضًا أن يتحوّل عن الجنب الذي كان عليه، وأن يصلي عقبها.

وأما النوع الثاني من الرؤى فهو ما يحدّث به المرء نفسه في يقظته، كمن يكون مشغولاً بسفر أو تجارة أو نحو ذلك، فينام فيرى في منامه ما كان يفكّر فيه في يقظته، وهذا من أضغاث الأحلام التي لا تعبير لها.
وأما النوع الثالث فهو ط§ظ„ط±ط¤ظٹط§ الصادقة الصالحة التي تكون من الله، قال صلى الله عليه وسلم : ((إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها فإنما هي من الله، فليحمد الله عليها وليحدث بها)) أخرجه البخاري، وعند مسلم: ((ولا يخبر بها إلا من يحب)) وجاء عند ابن عبد البر أنه يطلب تفسيرها.
وكثيرون هم في هذا الزمان الذين يتهافتون على المفسرين للرؤى ويشغلون أهل العلم بأحلام سيئة أو أخلاط مواقف لا رابط لها، لذا شرع أهل العلم في بيان علامات لأضغاث الأحلام أو ط§ظ„ط±ط¤ظٹط§ السيئة، وعلامات للرؤيا الصادقة حتى يفرق الناس.

فمن علامات أضغاث الأحلام أو الرؤى الفاسدة أن النائم يرى في منامه مناظر متناقضة ومتداخلة، لا يعرف أولها من آخرها، ومن علاماتها أن بعض الناس يمرض فيرى في منامه ما يوافق مرضه، ومن علاماتها كأن يرى مستحيلات لا يمكن أن تقع، أو يرى ما تحدّث به نفسه في اليقظة، ومن علامات ط§ظ„ط±ط¤ظٹط§ الصادقة انتفاء جميع ما تقدم من علامات ط§ظ„ط±ط¤ظٹط§ الفاسدة، ومن علاماتها أن يكون الرائي معروفًا بالصدق في كلامه، كما قال صلى الله عليه وسلم : ((أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثًا)) وهذا في الغالب، وإلا فقد يرى غير الصادق رؤيا صادقة يكون فيها إيقاظ لغفلته، ومن علامتها أن يعرف أولها وآخرها، فلا تكون متقطعة لا ترابط بينها، ومن علاماتها أن تكون تبشيرًا بالثواب على الطاعة أو تحذيرا من المعصية.

والرؤيا الصالحة قد تكون واضحة لا تحتاج إلى تأويل كما رأى إبراهيم عليه السلام أنه يذبح ابنه في المنام، وقد تكون خافية برموز تحتاج فيها إلى عابر يعبرها كرؤيا صاحبي السجن مع يوسف عليه السلام.


جزاكم الله خيراً ونفع بكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.