العناية بالأبناء تشمل العناية الجسمية والنفسية الإجتماعيةوالعقلية،وأعرض هنا للعناية بهم عقليا فالعقل ملكة يفكر بها الإنسان فى نفسه وفيمن حوله من بنى جنسه،وفيما يراه ويسمعه ويلمسه،بل فيما يتخيله ويتوقعه،وبها يتدبر ويتذكر،وبها يؤمن ويكفر،فالعقل رائد وقائد وحكم يصيب ويخطئ وبدونه يكون الإنسان كالأنعام أو أضل سبيلا.
من أجل ذلك كان من أوجب الواجبات على المربين أن ينموا فى أولادهم هذه الملكة بالعلم والخبرة والتجربة والقدوة،؛فالمسلك التعليمى هو القائم على التلقين والتعليل والتحليل بالقدر الذى يناسب كل طفل،فتلك مسئولية يتحملها المربون على عواتقهم،ويثابون على تأديتها ثوابا عظيما ؛فليس هناك غذاء عقلى أعظم من العلم فمن أراد الدنيا فعليه بالعلم ومن ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم ومن أرادهما معا فعليه بالعلم .وقد أشاد الإسلام بفضل العلماء قرآنا وسنة للدلالة على أنه مطلب يبتغيه المسلم وغير المسلم يقول الله عز وجل:"وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما"النساء113" وأمره أن يسأله مزيد من العلم فقال جل شأنه:"….وقل رب زدنى علما"مريم114" وما بعث الله رسوله بالهدى إلاليكون معلما؛فبالعلم يفوز الموفقون إليه بخيرى الدنيا والآخرة؛فيقول الله عز وجل:"هو الذى بعث فى الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفى ضلال مبين"الجمعة2"ووسائل العلم فى كل مرحلة من مراحل العمرتأتلف وتختلف بحسب السن والقدرة على التحصيل.
وليس التعليم إملاء وتلقينا فحسب وإنما هو توعية وتنوير ولابد أن يكون النلقين والتعريف من قبل أبويه مصحوبا بكل وسائل التوضيح التى يفهمها الطفل ويستوعبها بل تكون مبسطة معروفة لديه سلفا ً،محبوبة عنده،ويرغب فى رؤيتها دائما ًن وينبغى أن يكون المربى قدوة حتى يرتبط الطفل إرتباطا وثيقا ًبمن يقتدى به فإذا أمر ولده بشئ إستجاب له وإن نهاه عنه إنتهى عن إقتناع ولكى يكون عقل الطفل مؤهلا ًللنمو المطرد يجب على المربين أن يعنوا بهم صحيا ونفسيا وإجتماعيا ً؛أما الصحية فالعقل السليم فى الجسم السليم،وهى معروفة لدى الآباءولايخفى علينا أن الرياضة البدنية بأنواعها المختلفة تسهم إسهاما ًملحوظا ً فى نمو الجسم وتقويته وتمكنه ما يلقاه من معوقات مرضية أو نفسية أوعضوية أو إجتماعية.
ومما يعين العقل على الفهم والتحصيل –الإستيقاظ مبكرا ًلصلاة الفجر؛ففى الصلاة نشاط روحى وبدنى ولا سيما إذا أديت فى وقتها،فهى أدوية للأدواء النفسيةوالعقلية والجسدية،وصفها لنا من خلقنا من العدم على موائد العزوالكرم،ولكل صلاة فوائدها وأعظم الصلوات صلاة الفجر؛كما دل عليه قوله تعالى:"أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً" الإسراء78"؛فهى تؤدى فى وقت تكون السماء صافية والجولم تعكره أنفاس الناس وفيه فتوح ربانى معروف بالتجربة.
فلو إستيقظنا فى هذا الوقت وأيقظنا أبناءنا وهم فى سن العاشرة وصحبناهم إلى المسجد لتأدية هذه الصلاة؛فإنهم سيجدون فى الخروج إليها مِنَحا كثيرة،بدنيه وعقلية ونفسية وإجتماعية،وسوف يشعرون بأنهم صاروا رجالا ً،لأنهم تغلبوا على النوم ،وأنصح ط§ظ„ط¢ط¨ط§ط، بالنوم بعد صلاة العشاء مع أولادهم حتى يمكنهم الإستيقاظ مبكرا ً.
أم العناية بهم نفسيا فهى لاتقل عن العناية بهم جسديا فالجسم تابع للنفس والنفس جوهر لطيف حساس عاقل لاينفصل عن الجسم إلا بالموت،وكثير من ط§ظ„ط¢ط¨ط§ط، لايهتمون بعلاج أبنائهم من الأمراض النفسية؛لخفائها أو لأنهم يعانون منها ولا يستطيعون التعبير عنها،ومن الخير لهم ولأبنائهم أن يفطنوا لهذه الأمراض فيعالجون أنفسهم منها قبل إستفحالها؛وحينئذ لايستطيع العقل أن يقوم بوظيفته وبالتالى يفقد الإنسان إنسانيته وهويته؛فيضل ويزل فيظل غارقا فى جهله لايستطيع أن يحصل على العلم الذى هو السبيل الوحيد لمعرفة الله عز وجل،قال تعالى:"فاعلم أنه لا إله إلا الله….."محمد19"ونحن نعلم أن العلم يتبع الإيمان ويسوق أهله إليه،وأن الجهل يتبع الكفر ويسوق أهله إليه.
أم العناية بهم إجتماعيا ً،فإن الأطفال إذا إنخرطوا فى المجتمع وتعاملوا مع الصغير والكبيروفق الآداب المتعارف عليها؛ فإنهم يتعلمون منه الكثير مما هم فى أشد الحاجة إليه؛ومن أهمها التعاون الإيجابى مع الصغيروالكبير، والتجاوب الوجدانى بين الأقارب والأصدقاء ،وتقع بينهم الألفة أكثر وأكثر إذا أعانهم عليها ط§ظ„ط¢ط¨ط§ط، والمربون فى المدارس على ذلك،وغرسوا فى نفوسهم روح التآخى والتزاور والشعور بالمودة والرحمة ويتم ذلك بالرحلات الجماعية وخروجهم فى جماعة ومعهم أساتذتهم أومعهم آباؤهم وأمهاتهم فإن هذا شئ يسرهم،وينعكس عليهم صحيا ونفسيا وعقليا وإجتماعيا،ويجعلهم أكثر طلبا ًللمعرفة،وأشد حبا ًللعلماء والمفكرين. بل هناك أموركثيرة ينبغى على المرببن أن يسلكوها فى طھط±ط¨ظٹط© أولادهم عقليا وعلميا ً،كحثهم على قراءة الكتب التى تناسب مستواهم وتوافق رغباتهم فى مختلف المجالات كالقصص والعلوم والفنون المختلفة وقاية ًمن الجهل والمرض فالعلم كربان السفينة يقودها قيادة حكيمة إلى بر الأمان، ومناحى العلم كثيرة لاينبغى أن يقتصر المرء على نوع واحد منها.وطلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة فليأخذ كل واحد من أنواعه مااستطاع:
إجتهد فى كل علم تستريح له لاتقعدن بعلم واحد كسلا
فالنحل لما جنى من كل فاكهة حوى جوهرين:الشمع والعسلا
فالشمع نور مضئ يستضاء به والشهد يبرئ الأسقام والعللا
وبالعلم يرتفع الصغير ،وبالجهل ينخفض الكبير؛فمن أراد لأولاده عزا خالدا فليعلمهم من الصغرما ينفعهم فى دينهم ودنياهم فالعلم خير ما يورثه ط§ظ„ط¢ط¨ط§ط، للأبناء.
من قراءاتى