عندما يتعلق الأمر بالعلاقة الزوجية فهناك أمور كثيرة تدمرها ببطء وتجعلها تتصدع. هي ليست أمورا كبيرة بالضرورة، فقد تكون تفاصيل صغيرة تتراكم لتستيقظا يوما في الصباح وتكتشفا أنكما فقدتا مشاعر الحب بعضكما لبعض وأصبحتما في المنطقة المظلمة التي يتوه فيها الكثيرون الذين لا يعرفون لماذا أصبحت علاقتهم كذلك.
ربما بعدما كنت تكتمين غضبك وتعانين منذ فترة من حالة من احتراق داخلي أصبحت علاقتكما متصدعة. وقد يكون السبب أيضا إنكما تشاجرتما لأول مرة واستيقظت متعجبة وتسألين نفسك: هل ما حدث قابل للإصلاح؟ هل أنا السبب؟ هل هو السبب؟ أم هي العلاقة غير الناجحة؟
إذا كنت جاهزة للنظر بصدق لديناميكية العلاقة، إليك بعض النصائح التي قد تساعدك على الحصول على إجابات لأسئلتك. لا تنسي أن الزواج كرقصة تانغو تؤديانها معا.
هل الأمر يتعلق بك؟
على الرغم من أنه من غير الممتع لك التفكير أو التدقيق في مدى مساهمتك في الخلل والإضراب الحادث في علاقتك، فإنه من الضروري النظر في المرآة خاصة عندما تدخل العلاقة إلى غرفة الإنعاش. اسألي نفسك بعض الأسئلة الصعبة مثل: هل ألومه بشكل مستمر؟ هل أنا صادقة مع نفسي في تقييم دوري فيما حدث لعلاقتنا؟ هل لدي الكثير من الأحكام السلبية عليه؟ هل أنا منفتحة على مشاعر شريكي وهمومه واهتماماته، أم أصر على أن تسير الأمور دائما على طريقتي؟
لو كانت الإجابة الصادقة عن هذه الأسئلة بنعم، فلا بد أنك عامل أساسي في تصدع العلاقة. الآن انظري إلى نفسك وفكري هل ما يلومك أو ينقدك زوجك عليه هو شيء سمعته من شخص آخر قريب منك؟
لو كان الكثيرون من المقربين يرفعون لك العلم الأحمر للأسباب نفسها، فربما حان الوقت لتعترفي بأن علاقتك فيها مشكلة.. وهذه المشكلة هي أنت.
حاولي جمع شتات نفسك واكسري حاجز النكران وتحملي مسؤولية سلوكك.
هل الأمر يتعلق به؟
بالطبع الذنب ليس ذنبك دائما. إذا كنت تميلين الى لوم نفسك دائما رافضة الحديث معه بشأن ما يفعله، فهذا ليس الحل ولن يساعدك ذلك على إصلاح الأمر وجعل العلاقة أكثر هدوءا وأقل توترا إن كنت تظنين ذلك.
أولا وأخيرا أيضا يجب أن ترفضي بوضوح أي تعبير أو قول من شريكك يدل على مهانة أو ازدراء لك. فعبارة مثل «طبخك سيئ» أو «تفكيرك ساذج» أو «أنت إنسانة نكدية».. هذه الكلمات والعبارات التي يلقيها كثيرا قد تترك أثرا نفسيا داخليا عميقا.
الشيء الذي يجعل الشريكين سعداء وأصحاء نفسيا بعضهما مع بعض هو شعور كليهما أنه يهتم بشعور الآخر. التقليل من شأنك سوف يفقدك الاستقرار وينخر ثقتك بنفسك وشعورك بأنك إنسانة جيدة.
شيء آخر يجب أن تفعليه وهو ملاحظة علاقتك الجسدية به، فقد يكون ذلك مؤشرا على أنه شخص ميال الى العنف. لو كان ضغطك بدأ بالارتفاع ولديك مشاكل في النوم أو لاحظت تغيرات دراماتيكية في شهيتك للطعام، فقد يكون ذلك مؤشرا على أن الشريك أنهكك نفسيا وأنت تدفعين ضريبة ذلك.
لاحظي تفاعلك معه، فهل علاقتك حميمة به فعلا أم أنتما مجرد شريكين في السكن والطعام؟
انتبهي لما بين السطور فهل يحدثك زوجك عن حياته ومخاوفه وأحلامه، وهل تشعرين أنه يرحب بأن تشاركيه وتتحدثي معه عن الأمور نفسها أم أنت مجرد شريكة يمارس معها الجنس كلما أراد؟ هل توقف عن تزويدك بالطاقة التي تجعلك تشعرين بحميمية نحوه؟
لو كان كذلك، فقد آن الأوان لحديث معه وتوضيح منه عما إذا كان سيغير سلوكه أم أنك يجب أن ترحلي.
رقصة التانغو
بعض الأزواج بحاجة الى أن يعملا على علاقتهما بشكل فردي أو ثنائي. لو كان كلاكما لا يشعر بأنه قانع بالعلاقة أو مرتاح فيها وغير مفهوم من الطرف الآخر أو كنتما تشعران بأن مشاعركما لا تؤخذ بجدية من الشريك، فمعنى ذلك أنكما بحاجة لعمل شيء ما، لكن متى تعرفين أنه آن الأوان لنزع الفيشة والانسحاب من العلاقة؟
أول شيء انظري الى الروابط مثل الثقة والقيم المشتركة والجاذبية أو تلك الأمور التي تقرب بينكما وتجعل علاقتكما حميمة. لو لم تكن هذه الأمور موجودة، فلا بد أن تعيدي النظر بالعلاقة.
في بعض الأحيان يمكن نعي العلاقة أيضا عندما ينمو ويتطور احد الشريكين باتجاه ما، من دون أن يكون الشريك الآخر مستعدا لهذا التغيير. فمثلا إذا كنت ربة بيت وقررت العمل، فهل زوجك سعيد بذلك ومتقبل للوضع الجديد؟
سُنّة الحياة أن تنمو وتتطور العلاقات وإلا أصبحت مفرغة من الجوهر الطبيعي للأشياء. عموما الدراسات أثبتت أن الأشخاص السعداء في حياتهم الزوجية مع شركاء يبادلونهم الحب والاحترام أكثر صحة ويعيشون فترة أطول ولديهم أمان مادي. لذا لا تترددي إذا كانت علاقتك تستحق المحاولة لإصلاحها، فالعلاقات القوية أحد متع الحياة وليس من السهل دوما الانسحاب من العلاقة من دون تبعات ومشاكل.
كوني صادقة مع نفسك وكوني صادقة بشأنه، وفي الوقت اللازم اطلبي الاستشارة والمساعدة من المختصين.
أنت من يجب أن تقرري إلى أين تمضي هذه العلاقة ومدى تقديره واحترامه لمشاعرك. وساعتها ستقررين إن كنت ستبقين أم تذهبين.
رأي علم النفس
كل العلاقات قابلة للإصلاح ما دام الحب موجودا
د. خضر البارون- أستاذ علم النفس بجامعة الكويت- قال إن ترميم العلاقات الزوجية الآخذة بالتصدع ليس مسؤولية أحد الشريكين، لكنها شيء يجب أن يعمل عليه الاثنان معا إن كانا يرغبان في إصلاح حياتهما الزوجية، لإنها في النهاية علاقة شراكة لا بد أن ترضي الطرفين وتحقق لهما السعادة والرضى. وأضاف:
– لا يجب أن يأخذ الشريك شعوره بعدم الرضا عن العلاقة أو بروده تجاه الشريك على أنه أمر نهائي، فالمشاعر قابلة للتبدل.. اليوم لا يحبه لكنه كان يحبه بالأمس، وقد يستعيد ذلك الشعور غدا إذا أدرك سبب المشكلة التي أدت الى ذلك.
طرح الأسئلة بداية الحل فقد يكون الآخر هو السبب وقد يكون هو السبب من دون أن يدري. عوامل كثيرة قد تؤدي الى عدم الرضا عن الشريك او الشعور بالسعادة معه، قد يكون منها ارتباط الرجل بعلاقة مع أخرى مثلا أو شعوره بأن ارتباطه بشريكته جعله مكبلا بالمسؤوليات وأنها عبء عليه من جميع النواحي سواء المادية أو غيرها. أحيانا يشعر الرجل بأن الزواج والشريكة يقيدان حريته وقد يفقد الرغبة الجنسية تجاهها لسبب ما.
وفي بعض الأحيان تتصدع العلاقة الزوجية لأن أحد الشريكين تطور علميا واجتماعيا وفكريا بينما الطرف الآخر ما زال يراوح عند النقطة نفسها التي كان عندها في بداية الزواج.
من المهم معرفة سبب المشكلة التي أدت إلى حدوث شرخ في العلاقة، وإن كان فعلا يحب شريكه ويرغب في الاستمرار معه أم لا. أحيانا يكون الآخر يحرقه نفسيا ويكون سبب الفتور أنه لا يؤدي الاستجابات المطلوبة والمتوقعة مما يصيبه بخيبة أمل. لذلك من المهم جدا أن يقدر كلا الشريكين ما يفعله الآخر من أجله ويعبر عن تقديره بوضوح، وإذا لم يحدث ذلك لا بد من تنبيهه إلى ذلك من دون تجريح.
كثيرة هي الأشياء الضرورية لإبقاء الحميمية في العلاقة الزوجية ومنها التقليل من الانتقادات المحطمة نفسيا للطرف الآخر ووجود الاحترام بينهما وإشعار الشريك وتذكيره دائما بالسعادة بالارتباط به، لأنه الشريك المناسب فعلا، وترجمة ذلك عبر مشاركته في الأحلام والطموحات والمشاكل ومساندته عاطفيا.
في رأيي كل العلاقات قابلة للترميم ما دام الحب موجودا لأنه أصل العلاقة الزوجية.