تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » بين ميول الصغار وتعنت الكبار

بين ميول الصغار وتعنت الكبار

بين ميول الصِّغار ظˆطھط¹ظ†طھ الكِبار
الدكتورة موزة المالكي
استشارية العلاج النفسي / جامعة قطر
[email protected]
فلنفتح الطريق للميول والرغبات سعياً لمستقبل مشرق
والذين يصادرون ميول الآخرين يسقطونهم في مستنقع الخيبة
"مال إليها قلبه"…

عبارة تترددعلى الشفاه حين نسمع أو نقرأ عن وقوع أحدهم في أسر جاذبية فتاة تعلّق بها،فانجذب ومال إليها، وهناك معانٍ عديدة للميل أو الميلان في لغتنا العربية. مال الغصن – مثلاً – معناه أن النسيم حرَّكه، مال القوام.. أي رقَّواعتدل، مالت الشمس.. أي أوشكت أن تغرب "وعلى العكس" مال إلى الحق، بمعنى اتبعه، ونجد "مال عن الحق" أي ابتعد عنه وتغافل. وفي لهجتنا الخليجية تترددعبارة "مالت عليك" أي أُثقلت عليك الدنيا بهمومها وحوادثها
.
الميول التي أقصدها هنا في هذه السطور، تتعلق باهتمامات الجيل الناشئ ورغبات أبنائه، وكما أن أصابع اليد الواحدة ليست متساوية في الطول، فكذلك ميول الأفراد، فإنها تبدو متنوعة ومتعددة، وهذا أمر جميل له حكمة، لأنه يثري الحياة ويعمق أبعادها ويوسِّع آفاقها، ويجعل لكل مَيل من الميُول طعماًمختلفاً، ووظيفة مختلفة، وهدفاً في الحياة يهدف إليه مختلفاً عن غيره

.
من هذا المنطلق أقول إنَّ على ط§ظ„ظƒط¨ط§ط± واجباً تجاه الصغار، وهو ألاَّ يقوموابمصادرة ميولهم ووأد اهتماماتهم والقضاء على رغباتهم، طالما أن كل هذه الميول والاهتمامات والرغبات لا تفضي إلى طريق مسدود، ولا تتسبب في إلحاق الضرر والأذى بأصحابها أو بغيرهم ممن يحتكُون بهم ويتعاملون معهم.
قديتساءل بعضنا ما معنى مصادرة ط§ظ„ظƒط¨ط§ط± لميول ط§ظ„طµط؛ط§ط± واهتماماتهم ورغباتهم؟
هذايتطلب منا أن نتذكر أنَّ ما يسمى بصراع الأجيال أمر موجود في ثنايا كل مجتمع وبغض النظر عن مدى ارتقاء هذا المجتمع أو تخلفه، ولكن المجتمع المتقدم يحاول دائماً أن يحل هذا الصراع بين الأجيال عن طريق المفاضلة بين الأمور المختلفة وتحليل ما يفيد وما يضر، ويقدم بذلك الحلول المُرْضِيةوالتي تفرز وتقدم بعد دراسات وتحليل وتقصٍ لنتائج تلك الحلول على المجتمع وعلى أفراده. أما المجتمع الذي يتسم بالجمود، فإنه يحاول حل الصراع من خلال ما يفرضه ط§ظ„ظƒط¨ط§ط± على ط§ظ„طµط؛ط§ط± فرضاً قسريا، قد يصل لدرجة الإكراه.
وفي صراع الأجيال قد تتصادم ميول مع ميول أخرى وتتنافر اهتمامات مع اهتمامات غيرها، وتتعارض رغبات مع غيرها من الرغبات، ولكي تنطلق الحياة إلى الأمام لابد أن يراعي ط§ظ„ظƒط¨ط§ط± مسألة احترام ميول واهتمامات ورغبات ط§ظ„طµط؛ط§ط± لأن هؤلاءالصغار هم الذين سيقدَّر لهم أن يديروا شؤون المجتمع في المستقبل، حين يتبوؤون مراكز قيادية في مختلف مناحي الحياة، والحق أنه إذا لم يحترم ط§ظ„ظƒط¨ط§ط± ميول ط§ظ„طµط؛ط§ط± فإنَّ هؤلاء سينشؤون عاجزين وفاقدي العزائم، ولن يقدرلهم أن يبتكروا أو يطوروا الحياة مستقبلاً بسبب الخوف من ط§ظ„ظƒط¨ط§ط± الذي يكون قد استبدَّ بأعماقهم وحرمهم من متعة أن يوظفوا قدراتهم على النحو الأمثل المنشود
.
ولكي يكون كلامي محدداً، فإني أقول إنَّ القضية التيأود التحدث عنها تتعلق بالتعليم، وهل يتعين على ط§ظ„ظƒط¨ط§ط± منّا أن يفرضواوجهات نظرهم على الصغار، أم أنه ينبغي على هؤلاء ط§ظ„ظƒط¨ط§ط± أن يتعرفوا على ميول ط§ظ„طµط؛ط§ط± واهتماماتهم ورغباتهم في مجال اكتساب العلم والمعرفة حتى يستطيع ط§ظ„طµط؛ط§ط± أن يتفوقوا ويتألقوا طالما أنهم يجدون أنَّ ميولهم محل اهتمام، واهتماماتهم تلقى استجابة ورغباتهم يمكن أن تتحقق؟
إنَّ لكل عصر طبيعة .في العصور السابقة كان مقياس المتعلم أن يلم بأطراف العلوم المختلفة إلماماً شاملاً، لأنَّ العلوم والمعارف لم تكن قد اتسعت وتشعبت في عصرنا الذي نحيا في إطاره ونتيجة ثورة المعلومات وثورة التكنولوجياونتيجة الاتساع الشديد في آفاق المعرفة، أصبح على المتعلم أن يركز جهده في جزئية صغيرة، لدرجة أنه قد ينفق عمره كله وهو يتتبعها ويرصدها ويحاول التغلغل في أسرارها، ومن هنا فإن طبيعة عصرنا فرضت علينا أن نتخصص على نحو دقيق إذا أردنا ألاَّ نكون سطحيين وإذا كنا نريد بالفعل أن نبتكر وأن نبدع فعصرنا الحالي نستطيع بحق أن نطلق عليه – عصر التخصص – وعلى هذا الأساس فإنَّ الإنسان منّا أصبح الآن – كما يقولون – أشبه بترس صغير في آلةعملاقة، الآلة العملاقة قد تحتاج لحركة محددة ولطبيعة أبعادها وحدودها،والترس الصغير لابد أن يؤدي ما هو مرسوم له بدقة وإلا فقد مبرر وجوده.
تناولت في الأسبوع الماضي قضية تصادم ميول ط§ظ„طµط؛ط§ط± ورغباتهم في اختيار والديهم أحياناً، فإذا لم يحترم هؤلاء ميول ط§ظ„طµط؛ط§ط± فإنهم سيشبون عاجزين وفاقدي العزائم، ولن يقدر لهم كما قلت أن يبتكروا أو يطوروا الحياة مستقبلاً بسبب الخوف من ط§ظ„ظƒط¨ط§ط± وعدم القدرة على الاختيار من الصغر.. كذلك فإن التخصص الشديد الذي يتسم به العصر في مختلف الميادين والمجالات يتطلب بحثا دقيقاً في طبيعة كل عمل وكل مهنة حتى يتسنى لمن تتوافق ميوله ورغباته مع طبيعة هذا العمل أو المهنة أن يكون في مكانه الملائم.
وطالما أن عصرنا يتسم بالتخصص الشديد فإنه لابد من مراعاة هذا الأمر أثناء تقييمنا وتحسسنا لمهارات وقدرات وميول أبنائنا وصولا إلى ما ينسجم مع هذه المهارات والقدرات والميول فيما يؤدونه مستقبلا من مهن وأعمال ووظائف.
كما أن لكل عصر طبيعة كما ذكرت من قبل، فكذلك لكل مهنة طبيعة خاصة، الطبيعة الخاصة للمهنة تتطلب ممن اختارها أن يكون متوافقا ومنسجما معها، إذا أراد أن ينجح ويبدع فيها، أما الإنسان الذي يذوق مرارة الاخفاق فهو الذي ارغمته الظروف أو أهواء من يجبرونه على أن يلتحق بمهنة لم يخترها بإرادته الحرة.
كما أنها لا تبدو مريحة له، نتيجة عدم التوافق بينها وبينه. على سبيل المثال.. هل يمكن أن ينجح إنسان ذو شخصية انطوائية تميل إلى العزلة والاعتكاف في مهنة أو عمل من الأعمال التي تتطلب احتكاكاً مع الناس من مختلف الأذواق والأمزجة، مثل مهنة »العلاقات العامة« وشبيهاتها؟.. بالطبع لا يمكن لمثل هذا الإنسان أن ينجح، لأن الفشل لابد أن يلاحقه فيها تماما مثل ظله! لهذا كله أقول إن اختيار المهنة الملائمة للإنسان لا يتم إلا بعد مرحلة اختيار نوع الدراسة المتخصصة والمتوافقة مع من يدرسها، وهذا يؤكد لنا أن أولى الخطوات في طريق نجاح الأبناء مستقبلاً، تتمثل في توجيههم إلى التخصصات التي يميلون إليها، لا تلك التي يميلون عنها.
وإذا كانت هناك طرق عشوائية أو تلقائية للتعرف على الميول والرغبات، فهناك أيضا طرق علمية محددة للتعرف عليها من خلال اختبارات تحديد الميول والقدرات هذه الاختبارات يمكن أن تقدم للطلاب والطالبات في بدايات حياتهم الجامعية وقد رأيت أثناء دراستي في الولايات المتحدة أن هذه الاختبارات تجرى للطلبة والطالبات حتى قبل المرحلة الثانوية- فمن شأن هذه الاختبارات أن تنير لهم الطريق وأن تجعلهم يتعرفون بصورة دقيقة على ما قد يكون خافيا عليهم مما يمتلكونه من ميول ورغبات ومهارات كافية، تترقب من يساعدها لكي ترى النور على أرض الواقع.
هذه الاختبارات بطبيعة الحال لا تعتمد على العشوائية أو التلقائية في اعدادها، وإنما تعتمد على دراسات متأنية، تهدف إلى أن يقيس كل طالب ميوله المهنية، انطلاقا من أن التخصص العلمي – في الحاضر – هو الذي يتكفل بتحديد مهنة هذا الطالب بعد تخرجه في الجامعة – في المستقبل وأستطيع هنا أن أشير إلى مقاييس عملية سبق لي أن طبقتها على بعض الطالبات في جامعة قطر اثناء عملي بها سواء كمرشدة نفسية قبل حصولي على الدكتوراة او اثناء عملي كأستاذ مساعد وأثناء التدريس الجامعي لمن تطلب مني من الطالبات قبل التخصص الدقيق.. وذلك على ضوء نتائج تلك الاختبارات.
أما الآن فهناك الكثير من هذه الاختبارات على النت التي تقيس الميول المهنية للإنسان ومن لا يستطيع القيام بها او معرفة نتائجها يستطيع اللجوء للمتخصصين لمساعدته، فهناك بعض المراكز التي تساعد الطالب بعد الثانوية العامة وتوجههه على اختيار تخصصه الذي يناسب شخصيته وإمكاناته الفعلية وعادة اغلب هذه الاختبارات تقيس مجموعة من ميول متعارف عليها للافراد أهمها:
الميل الخلوي، الميل الميكانيكي، الميل الحسابي، الميل العملي، الميل الاقناعي، الميل الفني، الميل الادبي، الميل الموسيقي، الميل للخدمة الاجتماعية الميل الكتابي الميل الرياضي، الميل التجاري، الميل الى المخاطرة، الميل الى المسايرة، واخيرا الميل الى العطاء.
واعتقد ان كل ما علينا نحن ط§ظ„ظƒط¨ط§ط± ان نفسح الطريق لميول ط§ظ„طµط؛ط§ط± ورغباتهم سعينا لآفاق مستقبل مشرق لهم، اما اذا لم نصل لذلك فاننا في هذه الحالة نكون قد صادرنا هذه الميول والرغبات، وهذا بدوره يجعل ابناء الجيل الاتي يسقطون في مستنقع الخيبة، ليذوقوا مرارة الاخفاق، وهذا بالطبع ما لا نرضاه لانفسنا ولهم من هنا اكرر الخاتمة قولي علينا أن نفتح الطريق للميول والرغبات سعيا لآفاق مستقبل مشرق لأبنائنا

مشكوررررررر على الموضوع المميز
ويعطيج الف عافيه

الله يعافيك يسلموووووو على المرور العطر

مشكورة اختي

خليجية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.