الحمد لله الذي فرض ط§ظ„ط²ظƒط§ط© على عباده وأمرهم بإقامتها وحسن أدائها
وعلّق الفلاح والنجاح ودخول الجنة لمن جاء بإيمان معها
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
المخاطب بقوله تعالى : {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل:44]
فقام صلى الله عليه وسلم بهذه الوظيفة حق القيام ، وكانت ط§ظ„ط²ظƒط§ط© من أعظم ما بيّنه للناس
قولاً وفعلاً , اللهم صلّ وسلم عليه ، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :
فإن ط§ظ„ط²ظƒط§ط© هي الركن الثالث من أركان الإسلام كما في الحديث الصحيح
عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله
وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة، .. )الحديث .
إليكم أحبتي الكرام هذا الموضوع المبسط والذي جمعته من عدة مصادر
عن حقيقة ط§ظ„ط²ظƒط§ط© ، وما يتعلق بها من أحكام ومسائل وفتاوي ، وفوائدها على الفرد والمجتمع
سائلاً المولى أن ينفعنا بما نقرأ ونسمع وجزى الله خير الجزاء كل من ساهم في نشره
——————–
أولاً : مفهوم الزكاة
1-
لغةً :للزكاة في اللغة معاني عدة ، ومن هذه المعاني :أ– الزيادة والنماء ، يقال : زكا الزرع ، يزكو زكاءً وزكواً ، أيً : نما وزاد .
ب– التطهير ، ويدل عليه قول الله عزّ وجلّ :
{
خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا } [التوبة:103] .2-
شرعاً :حصة مقدرة في مال معيّن يصرف لطائفة مخصوصة .——————–
ثانياً : العلاقة بين المعنى اللغوي والشرعي
أ– فالزكاة بمعناها اللغوي الأول – الزيادة والنماء – هي زيادة في الدنيا والآخرة .
أما في الدنيا :فكما قال النبيّ صلى الله عليه وسلم :
( ما فتح رجل باب عطية بصدقة أو صلة إلا زاده الله بها كثرة ) [صحيح الجامع] .
وأما في الآخرة :فلقوله صلى الله عليه وسلم :
( إن الله تعالى يقبل الصدقة، ويأخذها بيمينه، فيربيها لأحدكم كما يربي
أحدكم مهره، حتى إن اللقمة لتصير مثل أُحد ) [صحيح الجامع] .
فالزكاة وإن كان ظاهرها نقص في حقيقة المال ؛ ولكن آثارها زيادة المال بركةً وكثرةً .
فالإنسان قد يفتح الله له من أبواب الرزق ما لا يخطر بباله ؛ وذلك إذا قام بما
أوجب الله عليه في ماله ، قال الله تعالى :
{ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ } [الروم:39] .
وقال تعالى : { وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ } [سـبأ:39] .
ب– والزكاة بمعناها اللغوي الثاني – التطهير – هي طهرة للمزكي وللمال ..
أما كونها طهرة لنفس المزكي ، فيدل عليه قوله تعالى :
{ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا } [التوبة:103] .
أما كونها طهرة للمال ، فكما رُوي عن جابر رضي الله عنه أنه قال:
قال رجل : يا رسول الله ! أرأيت إن أدّى الرجل زكاة ماله ؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أدّى زكاة مال؛ فقد ذهب عنه شرّه )
[أخرجه الطبراني وابن خزيمة والحاكم وقال : صحيح على شرط مسلم ] .
——————–
ثالثاً : حكم الزكاة
1-
مشروعيتها :نزل الأمر بالزكاة في مكة إجمالاً ، وشرعت تفصيلاً في السنة الثانية للهجرة .2-
حكم أدائها :الزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام ، وتجب على كل مسلم بشروط خاصة .والأدلة على ذلك ما يلي :
أولاً : من القرآن :
أ– قال الله تعالى : {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ
وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة:5] .
ب– قال الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة:103]
هذا أمر ، والأمر إذا تجرد عن القرائن فهو يفيد الوجوب ، وعليه فتكون واجبة .
ثانياً : من السنة :
أ– عن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله
وإقام الصلاة ، وإيتاء ط§ظ„ط²ظƒط§ط© ، وصوم رمضان ، وحج البيت لمن استطاع
إليه سبيلاً )رواه البخاري ومسلم .
ب– عن ابن عباس ضي الله عنه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً
إلى اليمن ، فذكر الحديث ، وفيه :
( فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم ، تؤخذ من أغنيائهم
وترد على فقرائهم )الحديث .
3. حكم تارك الزكاة:
–
اتفق أهل العلم على أن مانع ط§ظ„ط²ظƒط§ط© جحوداً لفرضيتها ووجوبها ، فهو كافر مرتدإلا إذا كان قريب عهد بإسلام ، أو كان ممن يعيش بالبادية لا يعرف عن
الإسلام شيء ، فيعَرَّف بوجوبها .
–
أما تاركها بخلاً غير منكر لوجوبها : فالصحيح من أقوال أهل العلم أنهمرتكب لكبيرة من الكبائر ، والدليل على ذلك : قوله صلى الله عليه وسلم:
( ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها ، إلا إذا كان يوم القيامة
صفحت له صفائح من نار ، فأحمي عليها في نار جهنم ، فيكوى بها جنبه
وجبينه ، وظهره ، كلما بردت أعيدت له ، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة
حتى يقضى بين العباد ، فيرى سبيله ، إما إلى الجنة وإما إلى النار )رواه مسلم .
فالحديث يدل على الوعيد الشديد ، ولو كان كافراً لم يكن له سبيل إلى الجنة .
——————–
رابعاً : حِكَم وفوائد الزكاة
للزكاة حِكم عظيمة وفوائد عديدة ، نذكر منها ما يلي :
أ– فوائدها على المزكي :
1-
يُخلف الله تعالى المزكي خيراً من صدقته ، ويعوضه في دنياه وآخرته , ويدل عليهقول الله تعالى : { وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ } [سـبأ:39] .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما نقص مال من صدقة ) [صحيح الجامع] .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه :
(قال الله تعالى : أَنفق يا ابن آدم أُنفق عليك) . رواه البخاري ومسلم .
2-
تزكي نفس المزكي من الشح ، وتطهرها من صفات القبح ، قال الله تعالى :{ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا } [التوبة:103] .
3-
يُظِلُّ الله المزكي بظل صدقته يوم القيامة ، قال النبي صلى الله عليه وسلم:( كل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة )رواه أحمد .
4-
هي برهان على صدق إيمان المزكي ، وتقواه وإحسانهقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( والصدقة برهان )رواه مسلم .
5-
الزكاة سبب لمغفرة الله ورحمته ، قال الله تعالى :{ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ
وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ } [لأعراف:156] .
6-
أنها تستوجب دعاء الملائكة للمزكي ، قال النبي صلى الله عليه وسلم:( ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما :
اللهم أعط منفقاً خلفاً . ويقول الآخر : الله أعط ممسكاً تلفاً ) [صحيح الجامع] .
7-
إخلاصه فيها وإخفاؤه لها يطفئ غضب الرب ، كما قال صلى الله عليه وسلم :( صدقة السر تطفئ غضب الرب ) [صحيح الجامع] .
8-
أنها سبب لدفع البلاء والأمراض ، قال صلى الله عليه وسلم :( داووا مرضاكم بالصدقة ) [صحيح الجامع] .
9-
أنها تكفر الخطايا ، قال النبي صلى الله عليه وسلم :( الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ) [صحيح الجامع] .
ب– فوائدها على الفقير :
1-
مواساة الفقراء والمحرومين ، وسد عوزهم وفاقتهم ؛ لأن في إخراج الزكاةوإعطاءها مواساة للفقراء والضعفاء ، وكسب لانعطاف قلوبهم ورفقها ودعائهم .
2-
تطهير الفقير من نار الحقد والحسد ؛ فالزكاة يتطهر بأخذها الفقيرفالمحتاج إذا لم يكن له في مال ذوي الأموال نصيب ؛ كان خطراً عليهم وعلى
أموالهم وعلى المجتمع ؛ لأنه يرى الغني قد جمع المال ، أما إذا أعطاه من
الزكاة طابت به نفسه ، وزال الحقد والحسد من نفسه وطهرت .
3-
أنها تقي الفقير من الوقوع في المعاصي ، وتقي المحتاج من سلوك طريق حرامفلا يغش ، ولا يسرق ؛ لأن المال المأخوذ يكفيه كل ذلك .
4-
الصدقة تولد حب الفقير للغني ، فيتجه بكل ما أوتي من قوة إلى الإحسانلأن الشخص إذا أسديت إليه معروفاً أحبك .
قال الشاعر : أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم*** فطالما استعبد الإنسان إحسان
ج– فوائدها على المجتمع :
1-
حصول الخيرات ، ونزول البركات ، قال الرسول صلى الله عليه وسلم :( وما منع قوم ط§ظ„ط²ظƒط§ط© إلا مُنعوا القطر من السماء )صحيح ابن ماجه .
2-
انتشار التكافل والتعاون والتكامل والتضامن بين أفراد المجتمعقال صلى الله عليه وسلم : ( المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم , ويجبر
عليهم أقصاهم يرد مشدهم على مضعفهم ، ومسرعهم على قاعدهم )رواه أبو داود .
3-
تحقيق الأمن والأمان وتقليل الجرائم ؛ لما يحصل من التكافل والتعاطف والتراحمقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم )رواه البخاري ومسلم .
4-
تقليل الحسد والغل والحقد، حيث يواسي الغني الفقير ، ويشعر الفقير بعطفالغني ورحمته ، قال صلى الله عليه وسلم : ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم
مثل الجسد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى )رواه البخاري ومسلم .
5-
تحقق عنصراً من أهم عناصر التمكين في الأرض ، والنصر على الأعداءقال الله تعالى : { الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ
وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ } [الحج:41] .
د– فوائدها على المال :
1-
طهرة للمال بأداء ما تعلق به من حقوق المستحقين ، وما لزمه من واجبات .2-
حلول البركة في المال وزيادته ، ويحفظ الله تعالى بالزكاة حلول الآفات في المال .3-
ذهاب شر المال ووباله ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( من أدى زكاة مال فقد ذهب عنه شرّه )رواه الطبراني في الأوسط وابن خزيمة في صحيحه .
——————–