السؤال
هل علامات قيام الساعة الكبرى مثل ظهور المسيح الدجال حتمية الوقوع،فإن
كانت كذلك فكيف يمكن التوفيق بين حتمية وقوع تلك العلامات وبين أن قيام
الساعة يأتي بغتة كما أشار الىذلك القرآن الكريم؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على محمد رسول الله وآله وصحبه ومن والاه . أما بعد:
قال تعالى : ( اقتربت الساعة وانشق القمر) [القمر :1] وقال تعالى : (
فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها ) [محمد:18] أي
علاماتها وأماراتها . واحدها شَرَط بفتح الراء ، وهو العلامة . قال
الإمام البغوي رحمه الله : ( وكانت بعثة النبي صلى الله عليه وسلم من أشراط
الساعة) . ولما كان أمرها شديداً ، وشأنها عظيماً ، كان الاهتمام
بشأنها أكثر من غيرها ، ولهذا أكثر النبي صلى الله عليه وسلم من ذكرها ،
وتفصيل أشراطها وأماراتها ، وأخبر عما يأتي بين يديها من الفتن ، ونَبّهَ
أمته ، وحذرهم ليتأهبوا لذلك . أما وقت مجيئها ، فهو مما انفرد الله تعالى
بعلمه وأخفاه عن العباد لأجل مصلحتهم، ليكونوا على استعداد دائماً .
قال العلماء رحمهم الله تعالى : علامات القيامة تنقسم إلى ثلاثة أقسام ،
قسم ظهر وانقضى . وقسم ظهر ولم ينقض بل لا يزال في زيادة . والقسم الثالث :
هي الأمارات الكبيرة التي تعقبها الساعة . فمن العلامات التي انقضت ، بعثة
النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال : ( بعثت أنا والساعة كهاتين) وأشار
إلى إصبعيه السبابة والوسطى ) رواه البخاري .
والقسم الثاني :
العلامات التي لم تنقض وهي كثيرة أخبر عنها الرسول في أحاديث كثيرة كقوله :
( لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس بالدينا لكع بن لكع ) رواه الإمام
أحمد . وهذه ستكون في ازدياد إلى قيام الساعة وهي أكثرها ومنها: موت
العلماء ، وكثرة القتل، وفشو الجهل، وكثرة الفتن، وكثرة الزلازل ومنها
التشبه بالكفار، واستفاضة المال وفشو المنكرات، وفشو الربا والزنا وخروج
المتبرجات وغير ذلك واشتغال رعاة الإبل البهم (السوداء) بالتطاول في
البنيان.
القسم الثالث : وهي الأمارات العظام ، والأشراط الجسام التي تعقبها الساعة فمنها :
1)
خروج المهدي : وقد ثبت بأحاديث كثيرة صحيحة ، ومنها قوله صلى الله عليه
وسلم : ( لا تنقضي الأيام ولا يذهب الدهر حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي ،
يواطىء اسمه اسمي ) رواه الإمام أحمد رحمه الله . وغير ذلك كثير . وقد ذكر
بعض العلماء أحاديث المهدي فبلغ أكثر من (70) حديثاً .
2) خروج
المسيح الدجال . ورد ذكر الدجال في أحاديث كثيرة قد اختلفت في القوة
والضعف فمنها الصحيح ومنها الحسن ومنها الضعيف فهو حقيقي لا شك فيه . وقد
حذر النبي أمته منه ، وقال : لم يأت نبيّ إلاّ حذر أمته منه . قال الحافظ
ابن كثير رحمه الله : ( ثم يؤذن له ( أي الدجال) في الخروج في آخر الزمان ،
يظهر أولاً في صورة ملك من الملوك الجبابرة ، ثم يدعي النبوّة ، ثم يدعي
الربوية ، فيتبعه على ذك الجهلة من بني آدم والطغام من الرعاع والعوام ،
ويخالفه ويرد عليه من هداه الله من الصالحين ، وحزب الله المتقين ، ويتدنى
فيأخذ البلاد ، بلداً بلداً . وحصناً حصناً ، وإقليماً إقليماً ، وكورة
كورة ، لا يبقى من البلدان إلاّ وطئه بخيله ورجله ، غير مكة والمدينة )
.
3) ونزول عيسى عليه السلام : رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة
رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده
ليوشكنّ أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدلاً ، فيكسر الصليب ، ويقتل الخنزير
، ويضع الجزية …. الحديث) والأحاديث كثيرة .
4) خروج يأجوج
ومأجوج : قال تعالى ( حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم كل حدبٍ ينسلون …)
الأنبياء (96) والأحاديث في شأنهم كثيرة .
5) خروج الدابّة : قال
تعالى : (وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابّة من الأرض تكلمهم أن الناس
كانوا بآياتنا لا يوقنون ) النمل (82) . 6) طلوع الشمس من مغربها :
قال تعالى ( يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من
قبل أو كسبت في إيمانها خيراً … ) الأنعام [158]. 7) حشر الناس إلى
أرض الشام : ففي الصحيحين عن عبد الله بن طاووس عن أبيه ، عن أبي هريرة قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يحشر الناس على ثلاث طرائق :
راغبين وراهبين ، واثنان على بعير ، وعشرة على بعير ، وتحشر بقيتهم النار ،
تقيل معهم حيث قالوا ، وتبيت معهم حيث باتوا ، وتصبح معهم حيث أصبحوا ،
وتمسي معهم حيث أمسوا … ) . قال الناظم : وآخر الآيات حشر النار . كما أتى
في محكم الأخبار .
النفخ في الصور والصعق : قال ابن تيمية
رحمه الله : إن القرآن قد أخبر بثلاث نفخات : نفخة الفزع ذكرها في سورة
النمل في قوله : ( ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السموات ومن في الأرض
إلاّ من شاء الله ) . النمل (87) . نفخة الصعق . نفخة القيام من
القبور : ذكرهما في سورة الزمر : في قوله : ( ونفخ في الصور فصعق من في
السموات ومن في الأرض إلاّ من شاء الله ثمّ نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام
ينظرون) الزمر(68) . قال السفاريني رحمه الله : واعلم أن النفخ في
الصور ثلاث نفخات : 1. نفخة الفزع : وهي التي يتغير بها هذا العالم ،
ويفسد النظام ، وهي المشار إليها في قوله تعالى : ( وما ينظر هؤلاء إلاّ
صيحة واحدة مالها من فواق ) (ص:15). 2. نفخة الصعق : وفيها هلاك كل
شيء ، قال تعالى : ( ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلاّ
من شاء الله ) (الزمر:68). 3. نفخة البعث والنشور ، وقد جاءت في
الكتاب في آيات منها : قوله تعالى : ( ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام
ينظرون) ( الزمر:68) .
وأما كيفية التوفيق بين هذه العلامات وبين
أن الساعة لا تأتي إلا بغتة، فإنه من المعلوم أن العلامة على قرب الشيء
ليست تحديداً لوقت مجيئه. ولذلك قال عز من قائل: (لا تأتيكم إلا بغتة
يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون)
[الأعراف: 187].
أي لا تجيئ الساعة إلا فجاءة ولا يشعرون بمجيئها مع
كونها تقدمها علامات تدل على قرب وقوعها، ولكن غفلوا عن تدبرها بعد
اعتيادهم عليها، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى
تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت فرآها الناس آمنوا أجمعون، فذلك حين ( لا
ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً) ولتقومن
الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه، ولا يطويانه،
ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لِقحته فلا يطعمه، ولتقومن الساعة وهو
يليط حوضه فلا يسقي فيه، ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فيه فلا
يطعمها" متفق عليه.
وعندما سأل جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن موعد
قيام الساعة قال له صلى الله عليه وسلم: "ما المسئول عنها بأعلم من السائل"
ثم قال فأخبرني عن أماراتها . فبعد أن أخبر صلى الله عليه وسلم جبريل بعدم
علمه بموعد مجيئها أخبره بعد ذلك بما ينبئ عن قرب موعدها، وبينهما من
الفرق ما سبق ذكره. والله أعلم.
منقول
توبوا الى الله قبل ان ياتي يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون