تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » فائدة التقديم والتاخير بين الاموال والاولاد

فائدة التقديم والتاخير بين الاموال والاولاد

خليجية
أما تقديم المال على الولد:

فلم يطرد في القرآن، بل قد جاء مقدماً في قوله تعالى: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ} (سبأ:37)، وقوله تعالى: {أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} (الأنفال:28)، وقوله: {لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ} (المنافقون:9).

وجاء ذكر البنين مقدماً كما في قوله: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا} (التوبة:24)، وقوله: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ} (آل عمران:14).

فأما تقديم الأموال في تلك المواضع الثلاثة فلأنها ينتظمها معنى واحد وهو التحذير من الاشتغال بها، والحرص على تحصيلها حتى يفوته حظه من الله والدار الآخرة.
فهي في موضع الالتهاء بها، وقد أخبر في موضع أنها فتنة وأخبر في موضع آخر أن الذي يقرب عباده إليه إيمانهم وعملهم الصالح لا أموالهم ولا أولادهم، ففي ضمن هذا النهي عن الاشتغال بها عما يقرب إليه.
ومعلوم أن اشتغال الناس بأموالهم والتلاهي بها، أعظم من اشتغالهم بأولادهم، وهذا هو الواقع حتى أن الرجل ليستغرقه اشتغاله بما له عن مصلحة ولده وعن معاشرته وقربه.

وأما تقديمهم على الأموال في تينك الآيتين فلحكمة باهرة وهي أن فيها براءة متضمنة لوعيد من كانت تلك الأشياء المذكورة فيها أحب إليه من الجهاد في سبيل الله…
ومعلوم أن تصور المجاهد فراق أهله وأولاده وآبائه وإخوانه وعشيرته تمنعه من الخروج عنهم أكثر مما يمنعه مفارقته ماله، فإن تصور مع هذا أن يقتل فيفارقهم فراق الدهر؛ نفرت نفسه عن هذه أكثر وأكثر، ولا يكاد عند هذا التصور يخطر له مفارقة ماله بل يغيب بمفارقة الأحباب عن مفارقة المال، فكان تقديم هذا الجنس أولى من تقديم المال.

منقول من كتاب (بدائع الفوائد)
للإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى

منقوووووول

مشاركات مميزة جدا

جزاك الله كل خير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.