السلام عليكم و رحمة الله و بركاته – أخي المسلم :
كم مرة شعرت بالقهر من موظفٍ صدك و رفض تسيير أمرك ؟
و كم مرة شعرت بالغيظ من جارك أو قريبك الذي هضم لك حقا ؟
و كم مرة بكيت من ذلٍ أصابك على يد إنسان ظالم و
كم مرة وقفت بين يدي أمثاله كسيراً خائفاً من بطشه و
كم من مال أخذوه منك نصباً أو ابتزازاً أو رشوة و
كم من وقت أضاعوه لك استخفافاً بأمرك و
كم من تعب جعلوه لك هباءً منثوراً و
كم من حق لك داسوه و
كم مرة تمنيت الانتقام منهم ثأراً لحقك و
كم مرة تمنيت ذبحهم تحصيلاً لمالك المغصوب و
كم مرة كرهت الدنيا لأجل ظالمٍِ و ظالمٍ و ظالم و
كم مرة تمنيت الموت و الفناء تجنباً لمجرمٍ لا يقيم لشرع الله عزوجل و.ً و
كم من ظالمٍ في هذه الدنيا تمنيت لو أن الله أخذه و أراحك منه ؟
أخي المسلم :
يعتصر قلبك أسى و أنت ترى ط§ظ„ط¸ط§ظ„ظ…ظٹظ† يروحون و يجيئون , يسرقون و يَغِلّون , يستخفون يك و لا يبالون , يدوسون عليك و لا يرحمون , يذلونك و لا وزن لك يقيمون , يعظمون الذنب و لا يتوبون , يستمرون و لا ينتهون , يتكاثرون و لا ينقرضون و لكن مع كل هذا الألم يا أخي عليك برفع الرأس عالياً لأنك أنت جندي من جنود الله عزوجل و لا يليق بجنود الله إلا العزة و الشموخ , حارب الشر في هذا الكون يا أخي , حارب شياطين الإنس و الجن و لتكن نفسك طيبة و إياك أن تبتئس و لكنك إن أردت البكاء فافعل , ابكِ و لتذرف عيونك دمعاً بين يدي رب جليل , ادعه و قل له , إلهي عبث الظالمون بأمني و أرضي و مالي و كلي و ليس لدي سواك أشكو إليه همي و حزني , يا غياث المستغيثين أغثني .
أخي المسلم :
إن الله عزوجل لم يذر الظالم يصول و يجول إلا لحكمة عظيمة , فقد سمح له أن يظلم ليكشف عن حقيقته و يثبت الجرم على نفسه حتى إذا ما قام الله عزوجل للقضاء بين العباد لم يكن للظالم من مهرب , فالدليل تقدمه أعضاؤه التي تشهد عليه و عندها يكون قد استحق العقاب و أي عقاب , العقاب وقتذاك نيران و آلام مريرة و لكنه و برغم آلامه في ذلك الموقف فإن عليه أن يعطيك من حسناته لقاء ظلمه لك أو يأخذ من سيئاتك إن فنيت حسناته و و قتئذ ستفرح يا أخي ذلك لأنك تريد زيادة حسناتك كي تضمن لنفسك دخول الجنة و المراتب العليا فيها , و لكن ليس هذا هو كل الأمر و إنما قبل ذلك و عند موت الظالم فإن له ما يكربه و ذلك عندما تتلقاهم الملائكة بالسخط و الغضب و يا لها من أيام و سنين في عالم البرزخ و يا له من انتظار شديد مرير بعد البعث من القبور , ينتظرون أن يقضي الله عزوجل بينهم و لكنهم و يا حسرتهم فإن السعير تنتظرهم و الكرب تلو الكرب تريد أن تذيقهم بعد أن يجعل الله عزوجل إليها أمرهم , كيف لا و قد تجرؤوا على معصية الجبار المنتقم .
أخي : الله عزوجل يريد أن يختبرك و يختبر رضاك على حكمه و صبرك على قضائه و قدره فلذلك أرِه منك ما يحب كي يريك ما تحب و ليكن غضبه على غيرك و ليس منك و إياك ثم إياك أن تكون من ط§ظ„ط¸ط§ظ„ظ…ظٹظ† و إن حدث و وقعت في الظلم فسارع بالتوبة و الإستغفار و إرجاع الحقوق لأصحابها و لا تمدح نفسك و تقول أنا لا أظلم و لست من ط§ظ„ط¸ط§ظ„ظ…ظٹظ† فإنك لن تعرف الحق من الباطل و العدل من الظلم إلا إذا تعرفت إليه من أهل العلم و اعلم أن لله عزوجل عليك حقوقاً و لنبيك صلى الله عليه و سلم و لوالديك و أقاربك و رحمك و جيرانك و المسلمين و الناس أجمعين و المخلوقات أيضاً و كل هؤلاء لهم عليك حقوقاً فإن تهاونت في حق أحدهم فعليك بالتوبة و الإستغفار و أداء الحقوق لأصحابها و إلا فإنك تعرض نفسك لعقاب أليم .
يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25) النور
فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (45) الأنعام
ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآَيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (103) الأعراف
فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165) الأعراف
وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (54) يونس
فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (25) آل عمران
وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43) ابراهيم
الكاتب : د.محمد رأفت أحمد عثمان / دمشق2011
ودي واحترامي