يعتبر رباط الزوجية أسمى وأقوى العلاقات البشرية، إلا أن الخلاف بين طرفي العلاقة الزوجية أمر لا مفر منه بفعل الاحتكاك اليومي وما ينتج عنه من أخطاء وهفوات ، لذلك يحتاج الزوجان إلى تعلم واكتساب مهارات التعامل مع المشاكل الزوجية وآليات حل الخلافات بينهما بطريقة راقية وحضارية، من بين هذه المهارات ثقافة ط§ظ„ط§ط¹طھط°ط§ط± التي تعتبر أدبا اجتماعيا في التعامل الإسلامي ومهارة من مهارات الاتصال والتواصل في العلاقات الأسرية والاجتماعية امتثالا للتوجيه النبوي الراقي "خيركم من يبدأ بالسلام"، أما بين الزوجين فالأفضل من يبدأ بالاعتذار خصوصا في مجتمعاتنا العربية المكبلة التفكير بعقدة الذكورة التي تعتبر أن الرجل لا يعتذر بحكم قوامته على المرأة وبحكم أن ط§ظ„ط§ط¹طھط°ط§ط± جرحٌ لكرامته وكبرياءه، وكذا في ظل غياب كلمة "آسف" من قاموس حياتنا التي لا تعتبر فقط مشكلة زوجية بل أزمة مجتمع وخلل في ثقافته وتربيته ودليل على تراجع روح المحبة والتسامح والاعتراف بالخطأ دون خجل.خيركم ..من يبدأ بالاعتذار:أيها الأحبة إن تعميق المحبة بين القلوب أسمى ما يسعى إليه الزوجان ولكن الأسوأ هو جرح هذه القلوب دونما اعتذار، لذا فليبادر كل منكما للاعتذار والتأسف وتطييب خاطر الآخر عند حدوث الخلافات الزوجية، فالاعتذار يساهم في التقريب بينكما وفي إذابة الجليد المتراكم نتيجة الاحتكاكات اليومية، وكل تأخير في ط§ظ„ط§ط¹طھط°ط§ط± يترك أثرا سلبيا ينعكس على حياتكما فيما بعد، ويسبب جرحا عميقا قد ينفجر في أي لحظة مسببا مشاكل عاصفة قد تدمر العلاقة الزوجية، لأننا لسنا بصدد توقيع اتفاق دولي لوضع الحدود بين دولتين قد طالت الحرب بينهما، بل بين زوجين قد أفضى بعضهما إلى بعض نفسيًا وجسديًا؛ فكلمة اعتذار واحدة يمكن أن تفتح القلوب وتنقذ الزواج، فالاعتذار شجاعة وقوة شخصية وتواضع ودليل نقاء القلب وصلاح السريرة وصفاء النفس وطهارة الروح، وهو دلالة القوة والمسؤولية وليس الضعف والإهانة، وهو شفاء الجراح والقلوب المحطمة، كما أنه جواز المرور لمشاعر أفضل بين القلوب المتحابة. فالاعتذار مطلب أساسي لاستمرار العلاقة الزوجية التي تنمو وتقوى بالمودة والرحمة والتسامح، وسواء كان الخطأ أو الاختلاف حول أمور صغيرة أو كبيرة فإن جملة "أنا آسف" غالبا ما تصفي الأجواء وتفتح الأبواب أمام التعاطف والتواصل وتمنح فرصة للبدء من جديد، كما أنها تجلب الثقة والأمان. أيها الزوج..قد اعتذر خير البرية:أيها الزوج الكريم، اعلم أن المرأة بحكم عاطفتها ترضيها الكلمة الطيبة البسيطة، فبادر للاعتذار لزوجك كما فعل الحبيب صلى الله عليه وسلم مع أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها مداراة ورحمة ومحبة واحتراما لشخصها لأنك قائد سفينة الزوجية، نبلا منك وكرم أخلاق، فالاعتذار من شيم أصحاب النفوس الطيبة والهمم العالية والعقول الراجحة والقلوب الصافية، فعن النعمان بن بشير قال: استأذن أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم فسمع صوت عائشة عالياً، فلما دخل تناولها ليلطمها وقال: ألا أراكِ ترفعين صوتك على رسول الله! فجعل النبي يحجِزُه (أي: منع أبا بكر من أن يزجر ابنته أو يضربها) وخرج أبو بكر مغضباً، فجعل النبي يترضى عائشة ويقول: "كيف رأيتني أنقذتك من الرجل؟!" رواه أبو داوود (أي: ألا ترين أني منعت أباك من زجرك وعقوبتك؟!) وكأنه يريد أن يقول لها: ألا يكفيك هذا شاهدا على محبتي لك؟! فإلام تظلين ساخطة؟! فتأمل وانظر وتفكر، ثم قس هذا بحال من يرى في اعتذاره لزوجه وإن كان مخطئاً هواناً في النفس ونقصا في الرجولة، لأنه لو كان قبول العذر ضعفا لما فتح الله بابا للتوبة وهو القوي العزيز ولما صفح رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكثير من المظالم الشخصية.زوج حكيمة..ركيزة الأسرةأيتها الزوج الحكيمة إنك بفطنة وإحساس المرأة يمكنك التمييز بين الأخطاء البسيطة والهفوات الصغيرة التي لا تستحق أن نثيرها أو نتوقف عندها، وبين الأخطاء الجسيمة التي لابد من تقديم تبرير بشأنها، واعلمي أن الرجل العربي بحكم الموروثات والتقاليد قد لا يقدم اعتذارا صريحا وإنما يلجأ لأساليب غير مباشرة كتقديم هدية أو دعوة للعشاء أو إرسال رسالة إلكترونية عبر الهاتف أو شبكة الانترنيت، فاقبلي اعتذاره دون عناد أو إصرار وانتظري الفرصة المناسبة لمناقشة المشكلة وتوضيحها عبر حوار هادئ وراقي دون النبش في الملفات القديمة وتفجير مشكلات جديدة.
أيها الأحبة إن الخلافات قد تكون أحيانا ملح الحياة الزوجية، وبعد الصلح تصبح العلاقة بين الزوجين أكثر قوة وحباً مما كانت عليه، فاحرصا على نجاح مؤسستكما وتوجاها بسوار الحوار والتفاهم وافرشاها بالمحبة والتماس الاعذار واحتسبا صبركما عند الباري جل و علا.
موضوع رائع شكرا لك