أما بعد :
فكُلنا نعلم أن صلاة ط§ظ„ط§ط³طھط³ظ‚ط§ط، سنةٌ ظ…ط¤ظƒط¯ط© ، وهي واحدةٌ من الصلوات التي سنّها معلم الناس الخير ( صلى الله عليه وسلّم ) وأعلنها في الناس ، وخرج لها إلى المُصلى . وهي صلاةٌ يؤديها العباد عند انحباس القطر وعدم نزول الغيث أو تأخره ، فيتوجهون إلى الله تعالى بالصلاة ، والدعاء ، ويُكثرون من الاستغفار ، وطلب الغوث ممن له خزائن السموات والأرض جل في عُلاه .
وقد جرت العادة أن يُعلن الإمام عن إقامتها قبل موعدها بأيام حتى يستعد الناس لأدائها ، ويحضرون إلى المصلى المُخصص لإقامتها في وقتٍ مُحدد – جرى العرف عليه – بين الناس في بلادنا ، وربما في غيرها من بلاد المسلمين ، وهو وقت صلاة العيد الذي عادةً ما يكون بعد طلوع الشمس بوقتٍ يسير .
وهنا أقف مع مسألة تحديد وقت أداء صلاة ط§ظ„ط§ط³طھط³ظ‚ط§ط، الذي يُمثل مُشكلةً تحتاج من عُلمائنا الأفاضل إلى إعادة نظر ، وبخاصةٍ أن غالبية الناس يظنون أنه وقتٌ مفروضٌ ، وأنه لا يصح أداء هذه الصلاة إلاّ فيه ، الأمر الذي يحول – كما يعلم الجميع – دون أن يؤديها كثيرٌ من الناس الذين يكون أغلبهم مشغولون بالذهاب إلى أماكن أعمالهم ، أو إيصال أبنائهم أو زوجاتهم إلى المدارس وغيرها من أماكن العمل المختلفة .
ولذلك فإنه لا يؤدي هذه الصلاة إلا أعداد قليلة من الناس ، بينما يُحرم الكثيرون من أدائها لارتباطها في أذهان الناس بهذا الوقت الذي هو في الحقيقة أحد الأوقات التي يمكن أن تؤدي فيها ؛ وهو ما يقول به أهل العلم الذين يرون أن هذه الصلاة يمكن أن تؤدى في كل وقتٍ ، ما عدا أوقات الكراهة التي نُهي عن الصلاة فيها . فقد جاء في كتاب ( المجموع ) للنووي ( 5 /77) قوله :
" في وقت صلاة ط§ظ„ط§ط³طھط³ظ‚ط§ط، ثلاثة أوجه :
أحدها : وقتها وقت صلاة العيد .
الوجه الثاني: أول وقت صلاة العيد ويمتد إلى أن يصلي العصر .
والثالث : وهو الصحيح ، بل الصواب : أنها لا تختص بوقت ، بل تجوز وتصح في كل وقتٍ من ليلٍ ونهار , إلا أوقات الكراهة على أحد الوجهين . وهذا هو المنصوص للشافعي , وبه قطع الجمهور وصححه المحققون " .
وليس هذا فحسب ، فقد جاء في ( الموسوعة الفقهية ) ( 3/308 ) ما نصه :
" إذا كان ط§ظ„ط§ط³طھط³ظ‚ط§ط، بالدعاء ، فلا خلاف في أنه يكون في أي وقت , وإذا كان بالصلاة والدعاء , فالكل مُجمعٌ على منع أدائها في أوقات الكراهة , وذهب الجمهور إلى أنها تجوز في أي وقتٍ عدا أوقات الكراهة . والخلاف بينهم إنما هو في الوقت الأفضل , ما عدا المالكية فقالوا : وقتها من وقت الضحى إلى الزوال , فلا تصلى قبله ولا بعده "
والمعنى أنه يجوز أن تؤدى صلاة ط§ظ„ط§ط³طھط³ظ‚ط§ط، بعد أي صلاة من الصلوات المفروضة التي يجتمع فيها الناس .
وبناءً على ما تقدّم ، فإنني أطرح مسألةً أرى أنها تُشكِل إلى حدٍ ما على فئةٍ ليست باليسيرة من الناس ، و تشغل الكثيرين منهم ، وتحتاج إلى تجليةٍ وبيان حتى لا يُحرم عباد الله من أداء هذه الصلاة مع إخوانهم المسلمين بسبب عدم اختيار الوقت المناسب وتعارضه مع مصالحهم الدنيوية اللازمة والضرورية ، وأقول مستعينًا بالله تعالى :
* لماذا لا تؤدى صلاة ط§ظ„ط§ط³طھط³ظ‚ط§ط، في غير الوقت المعروف الذي جرى العُرف أن تؤدى فيه ولاسيما أن في الأمر سعةٌ ولله الحمد؟
* ولماذا لا يتصدى العُلماء والدعاة والخُطباء لمثل هذه القضية التي تستحق أن تُسلط عليها الأضواء ، ولاسيما أنها من أمور الدين التي يُفترض أن يعلمها ويتعلمها الناس ؟
* ولماذا لا تؤدى صلاة ط§ظ„ط§ط³طھط³ظ‚ط§ط، بأي صورةٍ من صورها ( صلاةً أو دعاءً ) في وقت الضُحى مثلاً ، أو بعد صلاة الجمعة حينما يكون الناس مجتمعين ومهيئين لذلك ، أو بعد صلاة الظهر ، أو العصر ، أو المغرب ، أو العشاء ، ونحو ذلك ؟
* ولماذا لا يُستقطع بعض الوقت اليسير في المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية والكليات وأماكن العمل في مؤسسات المجتمع المختلفة لأداء صلاة ط§ظ„ط§ط³طھط³ظ‚ط§ط، جماعة داخلها بمختلف الصور التي يمكن أن تؤدى بها ، وبذلك نضمن أن غالبية الناس قد تمكنوا من أدائها وليس التأخر عنها ؟
* وهل من الضرورة أن يكون أداء صلاة ط§ظ„ط§ط³طھط³ظ‚ط§ط، محصورًا في يومي الاثنين أو الخميس دون غيرهما من أيام الأسبوع ؟
وختامًا أقول : هذه بعض التساؤلات التي أتمنى أن تجد إجاباتٍ شافيةٍ وواقعية لما يقتضيه واقع الناس وحالهم وحاجاتهم وضروراتهم ، والله تعالى أسأل أن يوفقنا جميعًا لما فيه التوفيق والسدّاد ، والهداية والرشاد ، والحمد لله رب العباد.
د. صالح بن علي أبو عرَّاد
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد في أبها
و
اعطاك العافيه