التبرج أعم من السفور، فالسفور خاص بكشف الغطاء عن الوجه، والتبرج: كشف المرأة وإظهارها شيئاً من بدنها أو زينتها المكتسبة أمام الرجال الأجانب عنها، وتفصيل ذلك هو : أن التبرج بمعنى الظهور، ويراد هنا: إظهار المرأة شيئاً من بدنها و زينتها ، ومنه سميت الكواكب : بروج السماء ، أي : زينتها ، لظهورها .وقيل: إن التبرج مأخوذ من ظهور المرأة من برجها، أي: قصرها، والبروج: القصور، كما في قول الله تعالى: ]ولو كنتم في بروج مشيدة[ [النساء: 78] ، وبرج المرأة بيتها، والله تعالى يقول في حق النساء:
]وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى[ [الأحزاب: 33] .
وأما السفور: فهو مأخوذ من السَّفْر، وهو كشف الغطاء، ويختص بالأعيان، فيقال: امرأة سافر، وامرأة سافرة، إذا كشفت الغطاء والخمار عن وجهها، ولهذا قال سبحانه: ]وجوه يومئذ مسفرة[ [عبس: 38] أي: مشرقة، فخص سبحانه الإسفار بالوجوه دون بقية البدن .
وبما تقدم يُعلم أن السُّـفُور يعني: كشف الوجه، أما التبرج فيكون بإبداء الوجه أو غيره من البدن أو من الزينة المكتسبة، فالسفور أخص من التبرج، وأن المرأة إذا كشفت عن وجهها فهي سافرة متبرجة، وإذا كشفت عما سوى الوجه من بدنها أو الزينة المكتسبة فهي متبرجة حاسرة .
هذه حقيقة التبرج ، و السفور .وقد دلَّ الكتاب والسنة والإجماع على تحريم تبرج المرأة، وهو إظهارها شيئاً من بدنهاأو زينتها المكتسبة
التي حرَّم الله عليها إبداءها أمام الرجال الأجانب عنها.
كما دلَّ الكتاب والسنة والإجماع العملي على تحريم سفور المرأة، وهو كشفها الغطاء عن وجهها .
والتبرج يعبر عنه وعن غيره من مظاهر الفساد بلفظ : التكشف، والتهتك، والـعُري، والتحلل الـخُلُقي، والإخلال بناموس الحياة، وداعية الإباحية: الـزنــا .
وهو محرّم في الشرائع السابقة، وهو في القانون الوضعي محرم على الورق وليس له نصيب من الواقع؛ لأنه ممنوع بعصا القانون.
أما في الإسلام فهو محرّم بوازع الإيمان، ونفوذ سلطانه على قلوب أهل الإسلام طواعية لله تعالى ولرسوله e، وتحلياً بالعفة والفضيلة، وبعداً عن الرذيلة، وانكفافاً عن الإثم، واحتساباً للأجر والثواب، وخوفاً من أليم العقاب، فَعَلى نساء المسلمين أن يتقين الله، فينتهين عما نهى الله عنه ورسوله e، حتى لا يُسهمن في إدباب الفساد في المسلمين، بشيوع الفواحش، وهدم الأسر والبيوت، وحلول الزنا، وحتى لا يكنَّ سبباً في استجلاب العيون الخائنة، والقلوب المريضة إليهن، فيَـأْثمن ويُؤثِّمن غيرهن .
والـتــبـرج يـكون بــأمــور :
¦ يكون التبرج بخلع الحجاب، وإظهار المرأة شيئاً من بدنها أمام الرجال الأجانب عنها .
¦ ويكون التبرج بأن تبدي المرأة شيئاً من زينتها المكتسبة، مثل: ملابسها التي تحت جلبابها –عباءتها.
¦ ويكون التبرج بتثني المرأة في مشيتها وتبخترها وترفلها وتكسرها أمام الرجال.
¦ ويكون التبرج بالضرب بالأرجل، ليُعلم ما تخفي من زينتها، وهو أشد تحريكاً للشهوة من النظر إلى الزينة .
¦ ويكون التبرج بالخضوع بالقول والملاينة بالكلام .
¦ ويكون التبرج بالاختلاط بالرجال، وملامسة أبدانهن أبدان الرجال، بالمصافحة والتزاحم في المراكب والممرات الضيقة ونحوها .
والنسوة المتبرجات هنَّ: المترجلات ، والمتشبهات بالرجال، أو بالنساء الكافرات.
والمترجلات يسميهن بعض الأوربيين باسم : الجنس الثالث .والأدلة على تحريم التبرج آيات من كتاب الله، منها آيتان نصٌّ في النهي عن التبرج، وهما:
قول الله تعالى : ]ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى[ [الأحزاب: 33] .
وقول الله تعالى : ]والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم[ [النور: 60] .
وآيات ضرب الحجاب وفرضه على أمهات المؤمنين ونساء المؤمنين ونهيهن عن إبداء الزينة، نصوص قاطعة على تحريم التبرج والسفور ومن السنة : حديث أبي هريرة t قال: قال رسول الله e : (( صنفانِ من أهل النار لم أرهما: قومٌ معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت، لا يدخلن الجنة ولا يَجِدْن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا )) رواه مسلم في الصحيح.وهذا نص فيه وعيد شديد، يدل على أن التبرج من الكبائر؛.وقد أجمع المسلمون على تحريم التبرج، وكما حكاه العلامة لصنعاني . وبالإجماع العملي على عدم تبرج نساء المؤمنين في عصر النبي e، وعلى ستر أبدانهن وزينتهن، حتى انحلال الدولة العثمانية في عام 1342هـ وتوزع العالم الإسلامي وحلول الاستعمار فيه .
وليحذر المسلم من بدايات التبرج في .ه، وذلك بالتساهل في لباس بناته الصغيرات بازياء لو كانت على بالغات لكانت فسقاً وفجوراً، مثل: إلباسها القصير، والضيق، والبنطال، والشفاف الواصف لبشرتها، إلى غير ذلك من ألبسة أهل النار، كما تقدم في الحديث الصحيح، وفي هذا من الإلف للتبرج والسفور، وكسر حاجز النفرة، وزوال الحياء، ما لا يخفى، فليتق الله من ولاّه الله الأمر .
( نقلا من كتاب حراسة الفضيلة للعلامة بكر عبد الله أبو زيد عضو لجنة كبار العلماء بالسعودية )
· النسخة الكاملة للمؤلف متاحة على الإنترنت.