تتعدد المواقف التي يجد فيها الزوجان أن لكل منهما رغبات واحتياجات لا تتفق مع ما يريده الآخر..وتواجه الحياة الزوجية أزمات حادة حين يصر كل طرف على ما يريد، كما أن فوز طرف وخسارة الآخر لا تعني مرور الأزمة بسلام بل فقط تأجيل الانفجار لوقت لاحق لشعور طرف بالغبن وتجاهل رغباته أو احتياجاته.
لذا فلا غرابة أن نتحدث عن التفاوض في الحياة الزوجية للوصول لأفضل الصيغ التي تحقق حلاً معقولاً للطرفين لتستمر الحياة بعدل وتوافق.
زوجة كانت لا تعمل ثم كبر الأولاد وتريد العمل، زوج قرر السفر للخارج سعياً وراء الرزق وزوجته لا تريد أن يغادر أسرته ، زوجة تريد أن تنتقل والدتها للإقامة معها ولديها أشقاء يرى الزوج أنهم أولى برعايتها،زوج يريد الزواج بأخرى والزوجة ترى أن ذلك سيؤثر على حياتها..وأمثلة أخرى كثيرة.
وقد يثير مصطلح التفاوض حفيظة البعض لأنه يرى أنه يوحي بالخصومة والنزاع، وهو ما لا يتفق مع الحياة الزوجية التي تقوم في الإسلام على المودة والرحمة، لكننا هنا لا نقصد التفاوض بالمعنى السياسي الصراعي ، بل إدارة العلاقة بشكل منظم بعيداً عن العشوائية التي تسمى أحياناً بغير اسمها وتؤدي إلى فشل الحياة الزوجية لميل كفة الميزان لصالح طرف على حساب طرف، لذا فالتفاوض هنا يتم بين طرفين على وعي دائم بأنهما يشكلان وحدة واحدة في مركب واحد، وأن علاقتهما ليست صراعية ،بل تراحمية ، وما التفاوض إلا أداة لضبط ميزان الحقوق والواجبات الذي كان القانون مثلاً في التشريع الإسلامي أحد أدوات ضبطه..مع المودة والرحمة.
ما هو التفاوض؟
التفاوض هو عملية نحاول من خلالها الوصول إلى أسس وشروط تتعلق بما نريده من الطرف الآخر، وما يريده منا.
وهو أسلوب من أساليب حل النزاعات بين الأطراف، والوصول إلى حلول، وتكييفات مقبولة.
وهو نظام من أنظمة التبادل والتوفيق.
بدائل التفاوض:
* الإقناع: ولكنه أحياناً يتعثرعند تعارض المصالح والرؤى، وقد يحتاج الأمر لجلسة جادة للنقاش المنظم.
* التنازل/القبول:
النزول على رغبة الآخر، ويحدث عند حصول تعقيدات يفضل معها أحد الأطراف التنازل والاستغناء عما كان يريده، والتنازل سهل لأنه يوحي بتلاشي النزاع في فترة وجيزة رغم استمرار جذوره، وهو ما يؤدي لتفجر حياة أسرية وانهيار علاقة استمرت سنوات وكانت تبدو متماسكة.
* القهر أو الإجبار:
ويستند إلى المقولات التهديدية "استجب وإلا…" ، وهو إن كان يصلح لتفاوض الأعداء فإنه لا يصلح لتفاوض الزوجين ،والإجبار يثير العداوات، ويربي روح الانتقام، ويعصف بالعلاقات في المستقبل، واستخدام القهر في التفاوض يؤدي إلى إفساده.
التحكيم: في حالة عدم الوصول إلى حل يتم الترحيل إلى طرف خارجي،وهو ما أرشد إليه الشرع الحكيم في الحديث عن "الإصلاح" وهو ما يترك الناتج النهائي مرهونًا بالآخرين،ويفتح أسرار البيت للخارج، وما دام في الإمكان إدارة العلاقة داخل الأسرة الصغيرة فهذا أفضل.
من الإسراع بقبول مسئولية إضافية أو التنازل عن حق
? كل طرف له دور يلعبه: حذار من الإجبار أو القهر
حل المشكلة..بالتفاوض:
وهو يحدث حين يدرك الطرفان أن لديهما مشكلة مشتركة، وبينهما قدرًا من الثقة، وللحل أدوات ووسائل.
الإعداد للتفاوض
– المهم هو الاستعداد بالمعلومات وأساليب الإقناع بشكل بناء، وفعال.
– حصر المطالب هام للتفاوض الناجح، ولكن لا يعني الحصول عليها أتوماتيكيًّا.
-التفاوض قد يؤدي إلى فتح ملفات تم التوصل إلى تسوية بشأنها "قناعات أو مميزات" متحققة فعلاً قد يخسرها طرف من الأطراف مقابل تسوية جديدة للعلاقة (قبول عمل الزوجة مقابل سيؤدي لأعباء أسرية أكبر للزوج بعد أن كان متحرراً منها لتفرغها الكامل مثلاً)، لذا من المهم أخذ ذلك في الحسبان.
تقييم الأولويات والمطالب
أهمية قصوى –الحد الأدنى- لا تراجع أو تنازل
لا تسوية بدونها
أهمية متوسطة: تفضيل
الإخفاق في أهمية منخفضة لا يعرضها
الصفقة "للخطر".
المراحل الأربع للتفاوض:
وكل مرحلة تحتاج إلى مهارات مختلفة.
أولاً: الإعداد: ماذا تريد؟حدد هدفك ورتب أفكارك ومطالبك بشكل يضبط ما هو جوهري لا تنازل عنه، وما هو أقل في الأهمية يمكن التفاهم بشأنه .
ثانياً: التحاور: اكتشاف وكشف الهدف من التفاوض باستخدام الأسئلة المفتوحة، والسماع الجيد و..الهادئ للطرف الآخر.
ثالثاً: العرض: إذا حدث كذا فنحن سنفعل كذا، ويفضل دائماً استخدام كلمة نحن؛ لأن الأسرة كيان جمع الطرفين، وعادة هي كلمة تؤكد الوعي بهذه الحقيقة، وأن الطرف المتحدث أهدافه هدفها المصلحة العامة لكيان الأسرة، أو أنه راعى –إذا كانت المصلحة فردية-مصالح الآخرين وأخذها في الحسبان.
ويراعى دوماً الأدب في اللفظ وعدم الانفعال:
* بفترات صمت لتلقي الاستجابات.
* بعدم المقاطعة للطرف الآخر.
رابعاً: التساوم: تقديم أشياء مقابل أخرى، وتقديم حلول للمشكلات، وتسجيل ما تم الوصول إليه بشكل واضح.
والمفاوضات تتضمن المراحل الأربع بطرق غير جامدة، وأحيانًا دون ترتيب صارم.
ولا ننسى:
-استحضار تقوى الله في الأمر والدعاء بالهداية لما فيه الحق والعدل
والخير، والاستخارة قبل وبعد التفاوض.
– تحديد المطالب والدقة في التعبير عنها.
– تقصي الحقائق والصدق وعدم التدليس أو خلط الأوراق.
– تحديد الزمن والمكان بشكل يكفل الخصوصية للطرفين، والاستعداد النفسي.
– تحديد جوانب التفاوض.
– تحديد الإيقاع.
-ضبط اللغة وآدابها، والتفاؤل وتجنب التوتر.
-تحديد ما تم إنجازه وتأجيل الباقي لمرحلة تالية إذا غلب التوتر على الطرفين.
-وضع بدائل لحلول مقترحة.
-أخذ مهلة للتفكير عند تقديم الطرف الآخر لعرض لم يكن في الحسبان
هو افضل حل لحل النزاعات والخلافات الزوجيه