إنها وبكل بساطة تعني ما يجري بين اثنين أوأكثر من حديث يراد به التفريق وإغاظة المقابل عن الغائب أو الغائبين الذين أكلت لحومهموصورة ذلك :
يجلس أحدهم إلى صاحبه أو أصحابه ويقول : انتبهوا سأحكي لكم كلاما خطيرا عن فلان وهو سرّي للغاية وأرجوأن تتحفظ على اسمي وما أريد إلا الإصلاح مااستطعت ولولا محبتك ما سقت هذا الكلام , ثم يأخذ العهود والمواثيق على كتمان اسمه خوف الفضيحة
وخشية اهتزاز علاقته بالغائب من الناس , ولعلك – عزيزي القارئ – تتساءل وتقول : ربما يكون ناصحا فعلا أومحذرا أومنكرا والله يعلم ما في قلبه , وأقول : هل كل الناس كذلك ؟ ثم إن كان ناصحا فللنصح قنوات عديدة ولها أساليبها التي لاتبغّضك بأخيك المسلم , ولكنها الآفة المنتشرة في مجالس الناس ومنتدياتهم , شعارها : سأحكي لك أمرا لكن ارجوك لاتذكر اسمي ! فينفث سمومه ويوغر صدر أخيه عن أخيه , ماذا نفعل إذا ؟
يجب أن نتحقق ونتثبت ونتعرّف على مقصود الناقل ونحاول أن نقطع الطريق أمامه ونختبر صدقه بمدى مقابلته بالغائب وجها لوجه قطعا للشائعات المغرضة التي أنّت منها البيوت والمجتمعات واكتوى بنارها الزوجان والإخوان والأصدقاء والخلان لأننا كنّا آذانا صاغية لكل من يباعد بيننا وبين من نحب , ألم نعلم أننا أربحنا بضاعتهم وجعلنا سوقهم رائجة ! إذا احذروا ثم احذروا ودققوا ومحّصوا وتابعوا وقابلوا وتحققوا ولاتتعجلوا ولاتصدروا حكما أو ظلما تندمون عليه أشد الندم وتدفعون الثمن غاليا من حسناتكم التي تعبتم في جمعها وقبل ذلك مواقف الذل التي تقفونها !!
———
النميمة
تعريفها:
هي نقل الكلام بين طرفين لغرض الإفساد.
—
حكم النميمة:
فهي محرمة بإجماع المسلمين وقد تظاهرت على تحريمها الأدلة الصريحة من الكتاب والسنة وإجماع الأمة وهي كبيرة من كبائر الذنوب.
فإذا رأيت من نفسك إيذاء لأخيك أو أختك في الله بالغيبة أو بالسب أو بالنصيحة أو بالكذب أو غير هذا ، فاعرف أن إيمانك ناقص وأنك ضعيف الإيمان ، لو كان إيمانك مستقيما كاملا لما فعلت ما فعلت من ظلم أخيك.
—
آثارها:
التَّفرقة بين الناس، قلق القلب، عارٌ للناقل والسامع، حاملة على التجسُّس لمعرفة أخبار الناس، حاملة على القتل، وعلى قَطْع أرْزَاق النَّاس،
ماذا نفعل اذا سمعنا أشخاص يسعون في النميمة؟
عدم الجلوس معهم ؛ لقول الله سبحانه وتعالى : وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ.
وقوله عز وجل : وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم : من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان.( خرجه الإمام مسلم في صحيحه .
—
جاء في الحديث: " لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ نَمَّامٌ" رواه البخاري ومسلم.
قال تعالى : (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ . هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ) (سورة القلم:10،11)
النَّمَّامُ شُؤْمٌ لَا تَنْزِلُ الرَّحمة على قوم هو فيهم.
النميمة من الأسباب التي توجب عذاب القبر لما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير ثم قال بلى كان أحدهما لا يستتر من بوله وكان الآخر يمشي بالنميمة متفق عليه .
في حديث أحمد: " شِرَارُ عباد الله المشَّاءون بالنَّميمة المُفرِّقون بين الأحبَّة البَاغون للبرآء العَيْب".
—
النمام هو إنسان ذو وجهين يقابل كل من يعاملهم بوجه، فهو كالحرباء يتلون بحسب الموقف الذي يريده وقد حذر النبي من أمثال هؤلاء فقال: ((تجد من شر الناس يوم القيامة، عند الله، ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه((
فالمسلم الصادق أيها الإخوة: له وجه واحد حيثما كان وله لسان واحد لا ينطق إلا بما يرضي ربه عز وجل.
—
ومن أمثلة النميمة:
كأن تقول: قال فلان فيك كذا وكذا وهو يكرهك ولا يحبك وسواء كان هذا الكلام بالقول أو بالكتابة أو بالرمز أو بالإيماء، إلى غير ذلك من الكلام غير الصحيح أحيانا
وإن كان صحيحا لا يجوز أيضا نقله لأن هذا من ط§ظ„ظ†ظ…ظٹظ…ط© ومن هتك الستر عما يكره كشفه، ومن نمّ لك نمّ عليك كما قيل.
—
الأمور التي تساعد على النميمة:
إن مما يدفع الناس إلى ط§ظ„ظ†ظ…ظٹظ…ط© بواعث خفية منها:
1- جهل البعض بحرمة ط§ظ„ظ†ظ…ظٹظ…ط© وأنها من كبائر الذنوب وأنها تؤدي إلى شر مستطير وتفرق بين الأحبة.
2- ما في النفس من غل وحسد.
3- مسايرة الجلساء ومجاملتهم والتقرب إليهم وإرادة إيقاع السوء على من ينم عليه.
4- أراد التصنع ومعرفة الأسرار والتفرس في أحوال الناس فينم عن فلان ويهتك ستر فلان.
—
من صفات النمام:
قال تعالى: ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم مناع للخير معتد أثيم عتل بعد ذلك زنيم .
الأولى: أنه حلاف كثير الحلف ولا يكثر الحلف إلا إنسان غير صادق يدرك أن الناس يكذبونه ولا يثقون به فيحلف ليداري كذبه ويستجلب ثقة الناس.
الثانية: أنه مهين لا يحترم نفسه ولا يحترم الناس في قوله، وآية مهانته حاجته إلى الحلف، والمهانة صفة نفسية تلصق بالمرء ولو كان ذا مال وجاه.
الثالثة: أنه هماز يهمز الناس ويعيبهم بالقول والإشارة في حضورهم أو في غيبتهم على حد سواء.
الرابعة: أنه مشاء بنميم يمشي بين الناس بما يفسد قلوبهم ويقطع صلاتهم ويذهب بمودتهم وهو خلق ذميم لا يقدم عليه إلا من فسد طبعه وهانت نفسه.
الخامسة: أنه مناع للخير يمنع الخير عن نفسه وعن غيره.
السادس: أنه معتدٍ أي متجاوز للحق والعدل إطلاقاً.
السابعة: أنه أثيم يتناول المحرمات ويرتكب المعاصي حتى انطبق عليه الوصف الثابت والملازم له أثيم.
الثامنة: أنه عتل وهي صفة تجمع خصال القسوة والفضاضة فهو شخصية مكروهة غير مقبولة.
التاسعة: أنه زنيم وهذه خاتمة صفاته فهو شرير يحب الإيذاء ولا يسلم من شر لسانه أحد.
—
علاج النَّميمة:
يكون بتوعية النمَّام بخُطورة النميمة، بمثل ما سبق من الآيات والأحاديث والحكم، والتنفير منها بأنها صِفَة امرأة لوط، التي كانت تَدُل الفاسقين على الفجور، فعذَّبها الله كما عذَّبهم.
واجب السامع عدمُ تصْديق النَّميمة؛ لأنَّ النمَّام فاسق والفاسق مردود الشهادة، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (سورة الحجرات:6)
كذلك يجب عليه أنْ يَنْصَحَهُ قِيامًا بالأمر بالمعروف والنهْي عن المنكر، وأن يَبْغضه لوجه الله؛ لأنه مبغوض من الله والناس، وألا يَظن سوءًا بمَن نَقل عنه الكلام، فالله يقول: (يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) ( سورة الحجرات (
أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلاما تظهر المصلحة فيه، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة، فالسنة الإمساك عنه، لأنه قد ينجر الكلام المباح إلى حرام أو مكروه، بل هذا كثير وغالب في العادة وفي الحديث المتفق على صحته قال عليه الصلاة والسلام: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت((
قال الإمام الشافعي: إذا أراد الكلام فعليه أن يفكّر قبل كلامه فإن ظهرت المصلحة تكلم وإن شك لم يتكلم حتى يظهر.
—
ماذا يفعل الشخص اللذي به صفة ط§ظ„ظ†ظ…ظٹظ…ط© والعياذ بالله ؟ وكيف يتخلص منها؟
أن يشغل لسانه ومجلسه بذكر الله وبما ينفع ويتذكر أمورا:
أولا: أنه متعرض لسخط الله ومقته وعقابه.
ثانيا: أن يستشعر عظيم إفساده للقلوب وخطر وشايته في تفّرق الأحبة وهدم البيوت.
ثالثا: أن يتذكر الآيات والأحاديث الواردة وعليه أن يحبس لسانه.
رابعا: عليه إشاعة المحبة بين المسلمين وذكر محاسنهم.
خامسا: أن يعلم أنه إن حفظ لسانه كان ذلك سببا في دخوله الجنة.
سادسا: أن من تتبع عورات الناس تتبع الله عورته وفضحه ولو في جوف بيته.
سابعا: عليه بالرفقة الصالحة التي تدله على الخير وتكون مجالسهم مجالس خير وذكر.
ثامنا: ليوقن أن من يتحدث فيهم وينمّ عنهم اليوم هم خصماؤه يوم القيامة.
تاسعا: أن يتذكر الموت وقصر الدنيا وقرب الأجل وسرعة الانتقال إلى الدار الآخرة .
—
قصة في ط§ظ„ظ†ظ…ظٹظ…ط© :
أن رجلا باع غلاما عنده فقال للمشتري: ليس فيه عيب إلا أنه نمام، فاستخفّه المشتري فاشتراه على ذلك العيب فمكث الغلام عنده أياما ثم قال لزوجة مولاه: إن زوجك لا يحبك وهو يريد أن يتسرى عليك، أفتريدين أن يعطف عليك؟ قالت: نعم، قال لها: خذي الموس واحلقي شعرات من باطن لحيته إذا نام، ثم جاء إلى الزوج، وقال: إن امرأتك اتخذت صاحبا وهي قاتلتك أتريد أن يتبين لك ذلك. قال: نعم، قال: فتناوم لها، فتناوم الرجل، فجاءت امرأته بالموس لتحلق الشعرات، فظن الزوج أنها تريد قتله، فأخذ منها الموس فقتلها، فجاء أولياؤها فقتلوه، وجاء أولياء الرجل ووقع القتال بين الفريقين.
أرأيتم ما تصنع ط§ظ„ظ†ظ…ظٹظ…ط© كيف أودت بحياة رجل وزوجته وأوقعت المقتلة بين أقاربهما هذا صنيع ذي الوجهين دائما.
قال الحافظ: 10/472
وجه الجمع بين الخَصلتين أن البرزخ مُقدمة الآخرة وأول ما يُقضى فيه يوم القيامة من حقوق الله الصلاة ومن حقوق العباد الدماء. ومفتاح الصلاة التطهر من الخَبَث ومفتاح الدماء الغيبة والسعي بين الناس بالنميمة بنشر الفتن التي يُسفك بسببها الدماء.
ياكثرهم هالايام –
م ن
شكرا لك ع المرور
شكرا ع المرور