تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » القيم وأثرها في السلوك

القيم وأثرها في السلوك

  • بواسطة
تصدمنا في بعض الأحيان سلوكيات صادرة عن أبنائنا أو بناتنا، وغالباً ما نتعامل مع هذا السلوك بمعزل عن ما وراءه، فنعيب الموقف، ونؤنب الفاعل، ونظن بأننا هكذا عالجنا المشكلة بشكلها الصحيح؛ فنمنّي أنفسنا بأنها لن تتكرر..!
أن نقول عيباً على سلوك سلبي رأيناه في أولادنا، أو حراماً إذا كانوا قد ارتكبوا معصية ما، فهذا جيد، وأن نحدثهم عن الفعل الصحيح الذي كان عليهم القيام به فهذا أيضاً جيد.
ولكن حتى ننجح في إصلاحهم بشكل حقيقي من الداخل لا بد أن نمتلك آليات لإحداث التغيير بصورة أكبر وأعمق في نفوسهم؛ فالسلوكيات السلبية الصادرة عنهم تعتبر مؤشرا على وجود خلل ما.. وإن كنا أكثر دقة في تشخيص المشكلة فسنجد أننا أمام خلل في القيم الموجودة لديهم، وليس في التصرفات فقط؛ لأن التصرفات ـ بشكل عام ـ هي الشكل النهائي للقيم الموجودة داخل النفس.

فإذا واجهتنا مشكلة مع إحدى بناتنا مثلاً في التزامها بالحجاب، فهذا يعني أنها بحاجة إلى تعزيز قيمة الحياء عندها، وإذا وجدنا كذباً من أحد أبنائنا فهو بحاجة إلى تعزيز قيمة الصدق لديه، وإن وجدنا تهاوناً في إعطاء كل ذي حق حقه فهذا يدل على ضعف في قيمة الأمانة، وإذا وجدنا منهم الغدر أو الخيانة فهو مؤشر على ضعف في قيمة الوفاء والإخلاص.

إن تعزيز القيم سيجعل أولادنا صغاراً كانوا أو كباراً يحسنون التصرف، وإن واجهتهم فتن الحياة ومغرياتها الكثيرة؛ فستجعل لهم القيم حصانة، ويصبح موقفهم ثابتاً مهما كان المتغيرات.

أما الاقتصار على تصحيح السلوك فقط، فسيجعل الإصلاح مؤقتا، وربما مرتبط بأشخاص معينين يطبق عليهم السلوك فيما يتم التغاضي عنه مع آخرين، فعندما تؤنب ابنك لأنه كذب عليك، فيما تضحك له إذا ما أخبرك كيف كذب على زميله! فإنك بذلك تضرب بقيمة الصدق عرض الحائط، وتقزّم قيمة الصدق في حدود تعامله معك فقط، ولن يكون مستغرباً بعدها أن تجده يمارس سلوك الكذب وكأنه أمر طبيعي.

يحتاج المربون لتعلم كيفية غرس القيم في أولادهم وطلابهم، سواء من خلال الخطاب الإقناعي أو من خلال القدوة، بأن يتمثّل المربي في سلوكه القيم التي يريد غرسها في أبنائه، ليجدونها أمامهم مجسدة في شخصية من يحبون ويقدّرون، أو من خلال القصص وسرد أمثلة من تاريخنا الإسلامي الذي يحفل بكثير من القيم العليا، فلنا في السيرة النبوية الكثير من الأمثلة والقصص التي تساعدنا على غرس القيم الإسلامية في نفوس وقلوب أبنائنا، وجميعنا يذكر القصة التي حدثت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما كان يسوّي الصفوف في بداية غزوة بدر، فضرب بعودٍ في يديه بطن أحد أصحابه وهو "سواد بن غُزَيّة" فقال سواد: يا رسول الله أوجعتني، وقد بعثك الله بالحق والعدل فأقِدْني. فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه وقال: استِقدْ…
هذه القصة كفيلة بغرس قيمة العدل في نفوس كل من يسمعها.. ونحن نرى خير الخلق يمكّن غيره من القصاص حتى ولو على نفسه.
إننا أمة نتميز بقيمنا الإسلامية التي يعرفها الغرب حق المعرفة، لذلك لا يألون جهداً في هدم هذه القيم مرة بعولمة القيم، ومرة بمحاولة تغريب المجتمع، ومرات بالدأب على تغريب المرأة بغية زعزعة كيان الأسرة التي بها وعن طريقها تنتقل القيم وتورث للأجيال القادمة.. فيما يغيب عنا نحن أصحاب القيم الإسلامية أهميتها وإحيائها وتفعيلها في بيوتنا وتعاملاتنا وحياتنا اليومية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.