من العايدين ومن الفايزين
العيد.. زهرة الحياة وعطرها الذي لا تخطئه الذاكرة، فرحة الصغار وهم يلاقون الشمس بأفكارهم الجميلة عن أنفسهم والكون! والعيد كلمات تترك أثرها فينا قبل أن نكتشف حقيقة الأيام التي تهبنا التعب فنقاومه بالحلم؛ لتصير فضاء جميلا يحمل الحب، وحكايات عن الفرح المزيّن بالضحكات..
العيد ظل بارد للأيام الحارقة! ومفردات العتق لكف أرهقها قيد الأيام المتشابهة.. ط§ظ„ط¹ظٹط¯ وهج الروح، ومصابيح التعب حين تشتعل بتباشير الراحة والجزاء، تتوق روحي للمكافأة، ورغبة خفيّة بالإحساس بالرضا عن الذات!
العيد طفولتنا صغارا! وذاكرتنا الجميلة حين تحملنا السنون على بساط الأيام المرهقة وتلقي بنا صوب شيخوخة، بقدر ما نهرب منها بقدر ما تقترب من جلودنا.
العيد إلحاح النفس للملمة الأحباء، رغبة الجسد في التنفس بعمق، وارتشاف الصدق عبر الشعور بالرضا، والرغبة بالجزاء.
وقد ارتبط ط§ظ„ط¹ظٹط¯ منذ القدم بالفكر الديني لدى الشعوب، بل إنه أحد صوره التي تعكس مضمونه وروح تعاليمه، فالعيد هبة الإله المعبود للعابدين، تحمل طعم المكافأة وتباشير الفرح، ليقتطع الناس من الزمن وقتًا ينظرون فيه إلى الحياة بعينين مفتوحتين وقلب متعطش لخفقات بلا هموم، معلنين فيه انقيادهم لذلك الإله عبر شعائر وطقوس خاصة تمنح ط§ظ„ط¹ظٹط¯ وأتباع الدين خصوصيتهم، وظلّهم على البقعة التي يشغلونها من هذه الأرض المحكومة بقوة الذاكرة!
ففكرة ط§ظ„ط¹ظٹط¯ وليدة فكرة الدين، وهي انعكاس انقياد الرعيّة، ومظاهر رضا الرب! وهي مساحة للفرح تطالب بها الروح التوّاقة، ويحِنّ لها الجسد المرهق! فالعيد انسجام متطلبات الإنسان الروحية ورغبته الأصيلة في التوصل إلى حالة من الرضا يستمدها من قوة خفيّة عُبّر عنها بالإله تسيّر حياته وتمنحها تفاصيلها اليومية! والعيد زمن يحمل ملامح المكافأة التي تمكّن الإنسان من الاستمرار داخل بوتقة الحياة التي من شأنها أن تصهره والآخرين لتختلط معهم ملامحه، فيصبحون كائنا واحدا يدين للإله بالربوبية.
فالفرس مثلا أرادوا أن يلوّنوا حياتهم ببهجة الطبيعة، وهي تمنحهم كساءها الأخضر لتلوّن عيونهم وأرواحهم بالهدوء والجمال، وتزرع نفوسهم بالتفاؤل فكان عيد الربيع! إنه ارتباط الإنسان بعناصر الحياة، ومحاولته الانسجام معها.
وكذلك الفراعنة والرومان والإغريق… كل هذه الحضارات تركت مساحة كبيرة للفرح عبر أعياد حملت أسماء الآلهة وعمق أساطيرهم للناس، وانسجمت طقوسها مع ثقافتهم الدينيّة آنذاك.
وحتى أصحاب المذاهب الفكرية جعلوا لأنفسهم أيامًا هي أشبه بالأعياد، يصنعون لأنفسهم من خلالها طقوسًا للفرح والولاء.
ولكن هذه الطقوس من صنع البشر، تظل قاصرة مهما أظهرت من مثابرة، ويطويها التقهقر مهما أبدت من جلد، فالله سبحانه وتعالى ( خالق الكون والانسان ) وهو وحده القادر على إيجاد المعادلة المثلى التي تحقق التوازن بينهما، فينتجان معا عمارة الكون وكيان الإنسان الروحي والمادي.
فالعيد حاجة إنسانية، ووسيلة لجمع الناس ضمن سلوك فكري واجتماعي محدد، حملته الأديان السماوية بروح حرّة، وفرح مستمد من حقيقة الخضوع لله، ورحمة البشر ببعضهم! والأعياد في الأديان السماوية مرتبطة بالحدث والفكرة الدينية، فالفرح ملتصق بالطاعة والرحمة، والراحة صورة أخرى للعبادة، إنها فكرة تجمع الأمة، وسلوك يظهرها بملامح واحدة، فحاجة الإنسان لزمن يحمل عبرة متكررة، وفرحة تحمل عبيرها للناس عبر السنين يجعل من ط§ظ„ط¹ظٹط¯ ضرورة ومطلبًا إنسانيًّا لا غنى عنه. قال تعالى: " قال عيسى ابن مريم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين " (114 المائدة).
وقد جعل الله للمسلمين عيد الفطر وعيد الأضحى، وأنعم عليهم بيوم الجمعة من كل أسبوع، فالعيد في الإسلام سلوك ديني ومادي واجتماعي، وفكرة عميقة تحمل العبرة وعطر التاريخ!
العيد في الإسلام فرح ومكافأة للذين أطاعوا الله في أنفسهم، صلاة تجمع المسلمين من كل مكان وتحفّهم بالتكبير، ط§ظ„ط¹ظٹط¯ صلة للأرحام، وباب مشرع للتقرّب إلى الله!.
وكل عام وانت بخير