في حوار ونقاش طويل بين المساوين للرجل بالمرأة مع الاحتفاظ بالفوارق في التشريعات الشرعية في الميراث وغيره، وبين الرافضين تمامًا لمساواة المرأة بالرجل، توصل الفريق الأول إلى أن المرأة والرجل متساويان في الحقوق العامة كالأصل الواحد، وحق الحياة، وحق الحرية، وحق الكرامة، والذمة المالية المستقلة، وحق فض الحياة الزوجية بالتطليق من جانب الرجل والخلع من جانب المرأة، والحق في المشاركة في الحياة العامة وفق الضوابط الشرعية، والحق في العمل خارج البيت وفق الضوابط الشرعية أيضًا، والحق في التعليم وعدم التمييز في الحب والمعاشرة الزوجية، وعدم التمييز بين الزوج والزوجة في النشوز، وعلاجه إلى غير ذلك من الحقوق الممكنة للمرأة في الحياة الكريمة، والمعاملة الإنسانية الكريمة والحق في الاحترام والتكريم وغير متطابقين في الأحكام الشرعية.
وكل هذا مفصل في كتب تمكين المرأة في الشريعة الإسلامية ومنها كتابنا تمكين المرأة في الشريعة الإسلامية المطبوع عام ****م بواسطة جمعية الشورى الإسلامية في مملكة البحرين ويوزع مجانًا.
وفي أثناء الحوار: استند المؤيدون لمساواة المرأة بالرجل إلى العديد من الآيات القرآنية، والأحاديث والسيرة النبوية مثل قوله تعالى: " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف " البقرة (228)، وقول ابن عباس أنه يتزين لزوجته كما يحب أن تتزين له لهذه الآية وقول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: " إنما النساء شقائق الرجال "، وهو حديث صحيح، وتمكين المرأة في جميع مناحي الحياة. إما المعارضون فيستندون إلى قوله تعالى: " وليس الذكر كالأنثى " آل عمران (36)، وما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة، والنساء ناقصات عقل ودين، و(الرجال قوامون على النساء) النساء (34)، وميراث البنت نصف ميراث الابن، وحق الرجل في ضرب المرأة. وقد ثبت أن هناك خلط في فهم هذه الآيات وتولي المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية التابع لوزارة الأوقاف في مصر الرد على هذه الشبهات من قبل علماء أفذاذ في كتاب متميز بعنوان: حقائق الإسلام في مواجهة شبهات المشككين الطبعة الثالثة 2024م.
وفي هذا المقال أود أن أبين أن المرأة والرجل متساويان في الحقوق العامة وغير متطابقين في بعض الأحكام الشرعية التي ثبت أن غير التماثل هذا كان في صالح المرأة وليس تمييزًا للرجل عليها. وحتى نقرب المسألة إلى الأذهان نقول أن في حساب المثلثات هناك المثلثان المتساويان في المساحة غير المتطابقين في الشكل، والموظفان المعينان على نفس الدرجة ونفس اليوم في أقسام المؤسسة الواحدة متساويان في الدرجة والراتب وغير متماثلين في نوعية العمل والمسؤوليات. وهكذا المرأة والرجل في الإسلام متساويان في الحقوق والواجبات العامة غير متماثلين أو غير متطابقين في بعض الأحكام الشرعية، فالمرأة ترث نصف الرجل في أربع حالات فقط، وتتساوى معه أو تزيد عنه في ثلاثين حالة أخرى، والأخت ترث نصف الأخ ميراثًا ماديًا خالصًا ولا تدفع مهرًا أو تؤثث بيتًا، ولا تلزم بالإنفاق على الأسرة، وتأخذ المهر خالصًا مخلصًا ( نحلة ) كما قال الله تعالى " وآتوا النساء صدقاتهن نحلة " النساء (4)، والرجل يوفر السكن ويؤثثه، وينفق على الزوجة حتى ولو كانت غنية، وعليه حمايتها والإنفاق عليها في عدة الطلاق وفي الرضاعة، وينفق على أمه وأخته، وجدته، وعمته، إن احتجن إلى الإنفاق، والخلاصة أن المرأة مكرمة في شرع الله تكريمًا بالغًا لن تبلغه أي امرأة في العالم، وأن ما نراه من ظلم للمرأة وعدم تمكينها في الحياة السياسية، والاقتصادية والتعليمية، والتربوية، والاجتماعية، وكل ذلك يعود إلى الخلط بين العادات الاجتماعية الجاهلية التي جاء الإسلام بالقضاء عليها، وبين الأحكام الشرعية، وتأثر معظم المشرعين بهذه العادات والتقاليد، والذين يميزون الرجل على المرأة حاليًا هم أتباع الفهم الخاطئ للوضع الشرعي الصحيح للمرأة، والذين يساوون المرأة بالرجل، ويميزونها عليه في العديد من مناحي الحياة يستندون إلى الفهم الشرعي المتخلص من الفهم الخاطئ والمتجرد من خلط العادات والتقاليد المنافية لشرع الله بشرع الله، وكما قلنا سابقًا فالمرأة والرجل متساويان في حقوق الإنسان الواردة في الإعلان الإسلامي لحقوق الإنسان والمتضمنة للحقوق الأساسية، والحقوق السياسية وحقوق الأسرة، وحق الانتماء والجنسية وحقوق التعليم والتربية، وحقوق العمل والضمان الاجتماعي، حق التقاضي، وحق التنقل واللجوء السياسي. هذا الإعلان الذي اتخذ من قول الله تعالى: " يا أيها الناس إننا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم " [الحجرات: 13] والصادر عن أعضاء منظمة المؤتمر الإسلامي، والذي أسهب الدكتور محمد الزحيلي حفظه الله في شرحه ومقارنته بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان في كتابه المتميز حقوق الإنسان في الإسلام دراسة مقارنة مع الإعلان العالمي والإعلان الإسلامي بحقوق الإنسان 1997م، وهناك دراسة متميزة صادرة عن جامعة الكويت عام 1997م للدكتور عبد العزيز مخيمر عبد الهادي بعنوان حقوق الطفل بين الشريعة الإسلامية والقانون الدولي دراسة مقارنة, وأصدر أ.د. صلاح الدين سلطان دراسة فقهية متميزة بعنوان امتياز المرأة على الرجل في الميراث والنفقة بين فيها أن المرأة ترث مثل الرجل أو أكثر منه في ثلاثين حاله.
الخلاصة كما قلنا وحلا للإشكاليات بين المؤيدين لحقوق المرأة المسلمة والمعارضين لها من المسلمين هو أن المرأة والرجل متساويان في الحقوق والواجبات العامة وغير متطابقين في بعض الأحكام الشرعية والخصائص الخلقية (فتح الخاء وتسكين اللام) والأدوار الاجتماعية وهذا اختلاف تنوع وتكامل ورحمة وليس اختلاف إذلال وتسلط من طرف على طرف.
ونحن ضد مساواة المرأة والرجل في الميراث على الإطلاق، وفي الأحكام الشرعية المفرقة بينهما في دين الله.
فالمسلم لا ينكر معلومًا من الدين بالضرورة، ولا يحكم بغير ما أنزل الله، ويرضى بحكم الله ويسلم له تسليمًا، وهناك فارق بين حكم الله واختلاف فهم الإنسان للآيات الظنية الدلالة التي فتحت الباب واسعًا للاجتهادات العلمية والشرعية للعلماء والفقهاء وهي اختلافات أدب وسعة ورحمة، وهذا من صلاحية شرع الله لكل زمان ومكان، ومن مراعاة الشريعة لمصالح العبد، والحفاظ على دينه وبدنه وعقله وماله ونفسه، وهو ما يعرف بالكليات الخمس أو المقاصد العامة للشريعة الإسلامية.
فالمراة والرجل متساويان كما قال تعالى: " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف " البقرة (228)، وغير متماثلين كما قال تعالى: " وليس الذكر كالأنثى " آل عمران (36).
أما الفريق الثالث الذي يساوي بين المرأة والرجل في كل شيء فهؤلاء يتبعون منهاجًا ماديًا أباح زواج الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة وهذا ما تأباه معظم الحيوانات في كل بقاع الأرض حتى الصراصير والجرذان تأباه.
المعلومات المفيده
تقبلي مروري اخت ام صفيه