بمجرد أن ترزق الأُم بطفل جديد، أو يزور الأسرة ضيوف بأطفالهم، ينقلب حال الصغير رأساً على عقب، ويبدو كشيطان حقود يدبر المقالب ويستفز الضيوف، ويؤذي أخاه، ويضرب الأطفال الآخرين، ويغضب سريعاً وبشكل حاد مما يثير قلق الأبوين ويشعرهما بالخجل من صغيرهما.
هذه الحالة يلخصها لفظ واحد هو "الغيرة" وهي حالة إنفعالية داخل الفرد، ولها مظاهر خارجية يمكن الإستدلال منها على المشاعر الداخلية رغم أنّ الطفل يحاول جاهداً إخفاء غيرته وإطفاء مظاهرها.
– علامات الغيرة: ويؤكد د. أحمد علي بديوي – بكلية التربية جامعة حلون – أنّ الطفل ط§ظ„ط؛ظٹظˆط± هو – غالباً – طفل فشل في الحصول على أمر مرغوب، كالحب أو اللعب أو النقود، ورأى طفلاً آخر حصل على كل هذا، فإنتابه إنفعال مركب من حب التملك والشعور بالغضب والرغبة في الإنتقام من هذا الطفل الآخر.
– وللغيرة علامات يمكن للأبوين إكتشافها، أهمها نوبات الغضب، والميل إلى الصمت، والإنزواء، والتهجم، وضعف الشهية، ونقص الوزن، وإصفرار الوجه، والصداع، والشعور بالتعب، والطفل ط§ظ„ط؛ظٹظˆط± أيضاً عدواني ومخرب سريع الغضب، وحاد الإنفعالات، وشديد الخوف، ومتأخر دراسياً، ويتبول لا إرادياً.
وهو ضحية وليس جانياً، ضحية لفتور العناية به بعد قدوم طفل آخر، وللمقارنة بينه وبين الآخرين لغير صالحه، ولتعلقه الشديد بأحد الوالدين مما يشعره بالغيرة من الآخرين.
ولأنّ الغيرة مرض فإن هناك أساليب لعلاجه أو الوقاية منه منذ بداية، وأهم هذه الأساليب – كما يقول د. أحمد بديوي – تعويد الطفل على الأخذ والعطاء منذ نعومة أظافره، حتى لا يغار من مشاركة الآخرين له فيما يحصل عليه من إمتيازات، وكذلك تدريبه على إحترام حقوق الآخرين، ومشاركتهم أفراحهم، وعلى الآباء إشباع إحتياجات صغارهم العاطفية ومشاركتهم اللعب والأنشطة وتشجيعهم لأقل إنجاز، وعدم معايرتهم بالفشل والقصور بالنسبة لأقرانهم.
الغيرة المرضية مرفوضة، ولكن هناك غيرة إيجابية، على الوالدين والمربين غرسها في نفوس الأطفال، وهي غيرة الذود عن العقيدة والقيم إذا انتهكا، والغيرة على . الله إذا خاض أحد فيها.
تلك هي الغيرة الصحية التي يزهو بها صاحبها، ولا نخجل من إبداء مظاهرها.