أكدت دراسات حديثة أن الأطفال الذين تم تغذيتهم في الصغر عن طريق الرضاعة الطبيعية أو الألبان المصنعة الغنية بالأحماض الدهنية الصحية يكونون أكثر ذكاءً من نظرائهم الذين لم يحصلوا علي هذه الفوائد الغذائية في الصغر.
وقد كشفت دراستان أجريتا في كل من المملكة المتحدة وإسبانيا ونشرت أخيراً في جريدة "طب الأطفال" أن زيادة مستويات الأحماض الدهنية غير المشبعة بالألبان التي يتغذي عليها الرضيع مثل أنواع (DHA, EPA AND ALA) ترتبط بالنمو العقلي للأطفال سواء في مراحل الطفولة المبكرة أو المتأخرة.
ويحتوي لبن الأم على هذه المواد بشكل طبيعي، كما تم تدعيم الكثير من ألبان الأطفال المصنعة بهذه الأحماض الدهنية منذ أن بدأت البحوث الطبية في إثبات فوائدها في النمو العقلي للأطفال.
وصرحت د. رؤية صموئيل، الطبيبة بمركز كوهين الطبي للأطفال بنيويورك وغير المشاركة في هذه الدراسات، بأنه "كلما تمكنت الأم من إطالة فترة الرضاعة الطبيعية دون أي أطعمة أو ألبان أخرى، كان ذلك أفضل لصحة الطفل. أما إذا لم تتمكن الأم من ذلك لأي سبب فإن ألبان الأطفال المصنعة تمثل بديلاً عظيماً خاصة منذ أن بدأ المصنعون بإضافة سلسلة طويلة من الأحماض الدهنية لهذه الألبان".
وقد قام فريق البحث في الدراسة البريطانية بتحليل بيانات 107 أطفال ممن ولدوا مبتسرين وصار عمرهم نحو 10 سنوات عند بدء الدراسة، بين يوم الميلاد حتى عمر تسعة أشهر تم تقسيم هؤلاء الأطفال بشكل عشوائي إلى ثلاث مجموعات: الأولى تغذت على ألبان مصنعة غنية بالأحماض الدهنية والثانية ألبان عادية والثالثة لبن الأم.
وقد أظهر الأطفال الذين تغذوا على ألبان غنية بالأحماض الدهنية تميزاً في العديد من القياسات المعرفية، وذلك في اختبارات قياس الذكاء والذاكرة والانتباه وغيرها من الوظائف المعرفية بالمخ. كما أظهرت الفتيات بشكل خاص فوائد هامة في مجال التعلم بما في ذلك القدرة على القراءة والهجاء.
أوضحت كاتبة الدراسة إليزابيث إسحق، الباحثة بمركز بحوث تغذية الطفل بجامعة لندن، أنه "بالنسبة لي كطبيبة نفسية عصبية أرى أن هذا يعني أن التأثيرات على التكوينات العصبية التي تدعم القدرة على القراءة تختلف بين النوعين: الذكر والأنثى"، وأشارت إلى وجود اختلافات في طريقة هضم الأحماض الدهنية بين النوعين.
ويجب تفسير نتائج هذه الدراسة بحذر بسبب محدودية أفراد العينة، كما ثبت أن اثنين من الكاتبين المشاركين في الدراسة يتلقون تمويلاً من بعض مصنعي ألبان الأطفال.
في حين أن الدراسة الإسبانية وجدت أن زيادة فترات الرضاعة الطبيعية للأطفال أثناء الأربعة عشر شهراً الأولى ترتبط بزيادة نتائج الاختبارات العقلية عند هؤلاء الأطفال مقارنة بالأطفال الذين تغذوا على لبن الأم ولكن لفترات أقل.
وقد قام الباحثون بتسجيل سيدات أثناء فترات الحمل الأولى وقاموا بقياس الأحماض الدهنية في السوائل التي يفرزها الثدي بعد الوضع مباشرة (السرسوب). ثم قاموا بتقييم النمو العقلي لأكثر من 500 طفل في عمر 14 شهراً.
كما بحثوا متغيرات هامة مثل تعليم الأم والمستوى الاجتماعي ومستوى الذكاء وارتباط ذلك بذكاء الطفل. وقد تبين للباحثين أن الأحماض الدهنية تؤثر في مستوى النمو العقلي للأطفال خاصة أولئك الذين تغذوا على اللبن الطبيعي للأم لفترات طويلة.