منذ 6 سنوات، تقبع (س.م) خلف جدران السجن، في حالة من الوحشة والوحدة والألم والترقب، في انتظار النهاية التي تعرفها سلفا: القصاص.
(س) التي أدينت بقتل شاب وقت أن كان عمرها 20 عاما، ما زالت ترى بصيص أمل في نهاية النفق…;أعتبر قضيتي ابتلاء من الله، وما زلت أناشد المسؤولين أن يعتبروني ابنة من بناتهم، وأناشد أهل الميت أن يعفوا عني وينالوا أجره، وأقسم لهم أنني حاولت أن أتجنب حدوث هذه الكارثة، قدر استطاعتي دون جدوى، وعلى الرغم من كل شيء فأنا نادمة على ما جرى، وأطالب أهل الخير أن يسعوا في الصلح وأن يساندوني في محنتي لوجه الله تعالى
،،،،،
تقول (س): لم أتخيل يوما أن أكون قاتلة، ولو عادت عقارب الساعة إلى الخلف، وعدت إلى تلك اللحظة التي فقدت فيها سيطرتي على نفسي لم أكن لأقوم بهذا العمل، ولكنت توجهت إلى الشرطة لحل مشكلتي، ولكن الموقف فاجأني، فقمت بالدفاع عن شرفي ونفسي، وأي امرأة سعودية تعتز بشرفها كانت ستتصرف مثلي، وقد طلبت من الشاب الذي قتلته أن يتركني وشأني وتوسلت إليه، لكن دون جدوى، وقد كنت وقتها متزوجة منذ عامين، وأحب زوجي وأحلم مثل كل البنات بحياة مستقرة، وأن يكون لي أبناء أجتهد في تربيتهم ورعايتهم، لكن ما جرى خيب كل آمالي.
وتذكر (س) زوجها وموقفه النبيل منها أحمل لزوجي أقصى درجات الاحترام والتقدير لوقوفه إلى جانبي وإيمانه بقضيتي وأنني فعلت ما فعلته لأحفظ شرفه في غيابه.
وتمسح دموعا فرت من عينيها حين تتذكر وفاة والدها الذي أصيب بجلطة أدت إلى وفاته بعد أشهر قليلة من دخولها السجن… كان والدي يزورني ويبث في روح الأمل والصبر، ويوصيني دائما أن أصبر وأحتسب، لكنه مات وتركني
لدى (س) 9أخوات وأخان، وحسب قولها فإن أسرتها متكاتفة ومحبة لبعضها البعض بدرجة كبيرة.
وعن أوقاتها في السجن تقول: معظم الوقت أمضيه في الصلاة وتلاوة القرآن، ولا يوجد فراغ في يومي، حتى في الليل أواظب على صلاة التهجد والإكثار من تلاوة القرآن، كما أن الملاحظات والاختصاصية الاجتماعية يفعلن ما بوسعهن كي يزيلن عني أي قلق أو توتر.
لقد حرمت من عطف الأهل، لكن ربنا عوضني بالمسؤولات في السجن اللاتي قمن باحتوائي وكأنني ابنتهن، وقد وجهنني إلى الالتحاق بحلقة تحفيظ القرآن في السجن واستطعت خلال هذه السنوات أن أحفظ القرآن إضافة إلى دراسة الفقه وحفظ الأحاديث النبوية وأصبحت أدرس للسجينات، وأقوم بدور المرشدة لهن، وقد تعلمت في السجن الكثير من خلال القصص العديدة التي سمعتها وتعرفت على أصحابها عن قرب، وقد زادتني هذه القصص قربا إلى الله سبحانه وتعالى، وصرت أكثر خبرة بالحياة.
وتضيف: إيماني بعدالة الله دون حدود، وأملي كبير أن يصفح عني أهل القتيل، الذين أقدر حزنهم على ابنهم، لكن أناشدهم أن يعتقوني مما أنا فيه وأن يعفوا عني ويعتبروني ابنتهم التي لا حول لها ولا قوة إلا بالله.
وإلى أسرتها تقول: أقدر لكم دعمكم لي، وشدكم من أزري وأنتظر منكم المزيد من المساندة، فأنا ابنتكم البارة التي تحتاج إلى دعواتكم، ودعواتك لي يا أمي.
وتوصي الفتيات بالتمسك بكتاب الله وسنة نبيه واتقاء الله في السر والعلن.
وتؤكد المشرفة على سجن أبها نائلة عسيري ما قالته (س): (س) الآن إنسانة واعية ومتدينة، نادمة على ما فعلته، محتسبة إلى ربها، وهي تبذل ما في وسعها لتوعية السجينات دينيا واجتماعيا، خصوصا وأنها الآن حافظة لكتاب الله، واكتسبت دراسة متعمقة في أحكام الشريعة، وتحرص كثير من السجينات على حضور الحلقات الدينية التي تعقدها لتثقيفهن.
اخواني انقل لكم هذة القصيدة التي قالتها سجينة خميس مشيط وهي في السجن ألا يا الله يا عالم .. بما أجهرت وما أخفيت
ألا يا الله تفرجها عليه.. يا مسويها
أناظر للزمن نظرة يتيم ما لقاله بيت
أناظر كل ها العالم.. عيوني ما تكفيها
ألملم فرحتي بيدي .. وأنا من فرحتي شديت
ونفسي يوم مات الفرح .. حزني جاء يعزيها
هموم ضيقت صدري .. كثيرة يوم أنا عديت
لقيت الحزن بأولها.. وأوسطها.. وتاليها
حزن ما يفارقني.. معي لا نمت.. أو سجيت
كئيب ما يبي غير السهر.. والنفس يشقيها
دعيت الله .. يصبرني وأنا مما جرى مليت
ونفسي .. يا إله الكون .. نفسي من يراعيها
وش اللي صار في الدنيا.. وش اللي في دنيتي سويت
جاوب يا الحزن أرجوك.. جاوب قلي وش فيها
رجع صوتي يرددني.. يردد كل ما ألقيت
جاوب يا الحزن أرجوك.. جاوب قلي وش فيها
ألا يا ليت.. ألا يا ليت.. ألا يا ليت.. ألا يا ليت
"ولاة الأمر" تاصلهم قصيدة يوم أرويها
تمنيت السعادة تعود.. وأنا والله ما ظنيت
سنيني الماضية ترجع بعيدة عن موانيها
تفتت خافقي والله.. مثلما للصخر تفتيت
دوافير الصدر شبت.. ولكن من يطفيها
إلهي صمت من أجلك.. إلهي لك بعد صليت
إلهي يا إله الكون.. عيوني لا تبكيها
أنا منساق لك ركب الذنوب وها أنا .. حسيت
دخيلك يا إله الكون.. عيوني لا تبكيها
(ست اسنين) بي مرت أنا والهم.. والتنهيت
اثنا عشر عيد.. أنا وحدي سجينة دون أهاليها
وأمي في نهار العيد .. تناديني.. في وسط البيت
وترجع وتذكرني .. دموع العين تهميها
نعمت أول سنيني في جناب الفهد وافي الصيت
مليك العرب والإسلام وبلادي اللي أفديها
وعشت اللين والشدة ولو قاسيت ما قاسيت
تهون تهون ما دامت حياتي عايشه فيها
وأنا لا زلت طمعا في سنين وعمر غير ازريت
عسى لي في ذرا عبدالله أياما أقضيها
وولي العهد سلطان الكرم والخير إذا ناديت
يلبي للضعاف اللي سهوم الوقت ترميها
ألا يا أهل العفو تكفون لا حيه ولاني ميت
ألا يا أهل الكرم والجود فكوا قيد أياديها
أبي درع الحياة ولو نفيتوني ورا تكريت
يكفيني سنين سود في سجني مخاويها
ألا يا الله يا عالم .. بما أجهرت وما أخفيت
ألا يا الله تفرجها عليه يا مسويها…