الصدق من أعظم خصال الخير وهو من مكارم الأخلاق التي جاء الشرع بتأكيدها والأمر بالصدق جاء في القرآن الكريم قال الله تعالى :
" يأيها الذين ءامنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " سورة التوبة آية 119.
وهو الأساس الذي قام عليه هذا الدين العظيم وهو ما عرف به عليه الصلاة والسلام في مكة فما كان يُعرف حينئذ الا بالصادق الأمين وهو ايضاً ما يُعرف به الانبياء والمرسلون عليهم السلام وقد أثنى الله تعالى على أنبيائه ووصفهم بالصدق فقال:
"
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا " ." وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولا نَبِيًّا "
" وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا
" .ووصف تعالى نفسه بالصدق فقال :
" ومَن اصدق من الله حديثا "
" ومن أصدق من الله قيلا "
وأمر الله تعالى رسوله عليه الصلاة والسلام أن يسأله ان يجعل مدخله ومخرجه ط§ظ„طµط¯ظ‚ فقال عز من قائل: " وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا".
وأخبر عن خليله ابراهيم عليه السلام انه سأله أن يهبه لسان صدق في الآخرين : " واجعل لي لسان صدق في الآخرين " .
ونظراً لأهمية ط§ظ„طµط¯ظ‚ في الإسلام فقد أمر به النبي صلى الله عليه وسلم في بداية الدعوة ولذلك لما سأل هرقل ابا سفيان رضي الله عنه: فماذا يأمركم؟ يعني النبي صلى الله عليه وسلم قال ابو سفيان:
" اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئا واتركوا ما يقول آباؤكم ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة " رواه البخاري.
والصدق كما عرّفه الامام ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين :
" هو منزلة القوم الاعظم، الذي فيه تنشأ جميع منازل السالكين، والطريق الأقوم الذي من لم يسر عليه فهو من المنقطعين الهالكين، وبه تميز أهل النفاق من أهل الايمان، وسكان الجنان من أهل النيران، وهو سيف الله في أرضه الذي ما وضع على شيء الا قطعه، ولا واجه باطلاً الا أرداه وصرعه، من صال به لم تُرد صولته، ومن نطق به علت على الخصوم كلمته، فهو روح الاعمال ومحك الاحوال والحامل على اقتحام الاهوال والباب الذي دخل منه الواصلون إلى حضرة ذي الجلال، وهو أساس بناء الدين وعمود فسطاط اليقين ودرجة تالية لدرجة النبوة التي هي أرفع درجات العالمين" .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
" عليكم بالصدق ، فإن ط§ظ„طµط¯ظ‚ يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى ط§ظ„طµط¯ظ‚ حتى يكتب عند الله صديقاً ، وإياكم والكذب ، فإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً " رواه البخاري ومسلم .
ثمرات وفوائد الصدق
مما لا شك فيه ان للصدق فوائد جليلة وثمرات عديدة يجنيها الصادق بصدقه ويسعد بهذا الخلق العظيم في الدنيا والآخرة ومن أهمها.
1- ط§ظ„طµط¯ظ‚ دليل على الايمان والتقوى : فقد اخبر الله تعالى عن أهل البر واثنى عليهم بأحسن اعمالهم من الايمان والإسلام والصدقة والصبر ثم وصفهم بأنهم اهل ط§ظ„طµط¯ظ‚ كما جاء في سورة البقرة " أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ
" , وكذلك يورث التقوى " وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ " .2- ط§ظ„طµط¯ظ‚ يؤدي إلى الخير وحسن العاقبة، قال تعالى : " فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ " .
3- ط§ظ„طµط¯ظ‚ دليل على البراءة من النفاق : فقد قسم الله تعالى الناس إلى صادق ومنافق فقال : " لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ " .
4- ط§ظ„طµط¯ظ‚ يؤدي إلى الجنة وينجي من النار : كما مر في حديث عبد الله بن مسعود المتفق عليه.
5- نيل مرتبة الصديقية التي تلي مرتبة النبوة : قال تعالى: " وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ
فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا " .6- ط§ظ„طµط¯ظ‚ ينجي العبد من اهوال القيامة : فقد أخبر الله تعالى انه في يوم القيامة لا ينفع العبد وينجيه من العذاب الا صدقه " هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ "
.7- ط§ظ„طµط¯ظ‚ يورث الطمأنينة والراحة النفسية : فعن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم : "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك فإن ط§ظ„طµط¯ظ‚ طمأنينة والكذب ريبة " رواه أحمد والترمذي وصححه الالباني.
8- ط§ظ„طµط¯ظ‚ يورث منازل الشهداء : فعن سهل بن حنيف رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من سأل الله تعالى الشهادة بصدق بلّغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه " رواه مسلم.
9- ط§ظ„طµط¯ظ‚ يورث محبة ومعية الله تعالى : فمن اراد ان يكون الله تعالى معه ويحبه فليلزم ط§ظ„طµط¯ظ‚ فإن الله تعالى مع الصادقين وان الله تعالى يحب الصادقين.
10- ط§ظ„طµط¯ظ‚ يورث البركة في كل شيء : فقد روى البخاري ومسلم انه عليه الصلاة والسلام قال : " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا بورك لهما في بيعهما وان كتما وكذبا محقت بركة بيعهما " حتى قيل ما افتقر تاجر صدوق.
مظاهر الصدق
1- صدق اللسان: فالمسلم اذا حدّث لا يحدث بغير الحق والصدق واذا اخبر فلا يخبر الا بما هو مطابق للواقع فإن الكذب آية المنافق وعلامة له قال عليه الصلاة والسلام " آية المنافق ثلاث: اذا حدث كذب واذا وعد أخلف واذا اؤتمن خان " رواه البخاري ومسلم.
2- ط§ظ„طµط¯ظ‚ في المعاملة: فالمسلم اذا عامل أحداً صدقه في معاملته فلا يغشه ولا يخدعه ولا يزور ولا يغرر بحال من الاحوال وهو ايضاً يصدق في النصيحة والاستشارة.
3- ط§ظ„طµط¯ظ‚ في النية والارادة: ويرجع ذلك إلى الاخلاص وهو الا يكون لديه باعث في الاقوال والافعال والحركات والسكنات الا الله تعالى، فاذا خالط ذلك شيء من حظوظ النفس أثر ذلك في صدق نيته.
4- ط§ظ„طµط¯ظ‚ في العزم: فينبغي للمسلم ان لا يتردد في فعل ما ينبغي فعله من الواجبات والمأمورات والمستحبات وترك ما ينبغي عليه تركه من المحرمات والمحظورات والمكروهات وان يكون صادقاً في عزمه على ذلك.
5- صدق الحال : فالمسلم الصادق لا يظهر خلاف ما يبطنه ولا يتظاهر بما ليس فيه من التقوى والاخلاص ولا يتكلف ما ليس له قال عليه الصلاة والسلام : " المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور " رواه البخاري ومسلم.. فالصدق موافقة الحق في السر والعلانية.
6- ط§ظ„طµط¯ظ‚ في جميع مقامات الدين: وهو اعلى الدرجات واعزها كالصدق في الخوف والرجاء والتعظيم والزهد والرضا والتوكل والخشية والصبر والخوف وغيره
فالصدق دائما منجى
منوره صفحتي