كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبُّ للمسلم أن يكون قويًّا صحيحًا معافًى؛ وقد روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ..".
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرص على كل ما يُعطي المسلم هذه القوَّة؛ ومن ذلك أنه كان يأمر المريض بالبحث عن العلاج، وينهى عن التواكل في هذا الأمر؛ فقد روى الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَتِ الأَعْرَابُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلاَ نَتَدَاوَى؟ قَالَ: "نَعَمْ، يَا عِبَادَ اللَّهِ تَدَاوَوْا، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلاَّ وَضَعَ لَهُ شِفَاءً -أَوْ قَالَ: دَوَاءً- إِلاَّ دَاءً وَاحِدًا". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُوَ؟ قَالَ: "الهَرَمُ".
وفي رواية ابن حبان عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "تَدَاوَوْا؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إِلاَّ وَقَدْ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً، إِلاَّ السَّامَ وَالْهَرَمَ".
فبيَّن أن كل أمراض الدنيا لها علاج باستثناء الشيخوخة والموت؛ ففتح بذلك باب الأمل أمام كل المرضى؛ بل وروى أحمد -بسند صحيح- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ دَاءً إِلاَّ أَنْزَلَ لَهُ دَوَاءً، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ".
ففتح المجال أمام الأطباء ليبحثوا عن العلاجات الجديدة للأمراض المختلفة؛ وأكَّد لهم أن العلاج موجود في الدنيا لكن يحتاج إلى علم وبحث؛ فصار بذلك ط§ظ„طھط¯ط§ظˆظٹ ط³ظڈظ†ظ‘ظژط© نبوية، وصار المؤمن مأجورًا عندما يذهب إلى الطبيب للعلاج؛ لأنه يُطَبِّق ط³ظڈظ†ظ‘ظژط© صريحة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما أنه يبحث بسعيه للتداوي عن القوَّة والصحَّة؛ وهما مطلبان شرعيان حثَّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتعدَّدت بذلك أنواع الخير في التداوي، فما أبركها من سُنَّة!
ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].
د.راغب السرجاني
[/CENTER]