السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
الحياة مليئة بالاحداث والتجارب من حولنا
وعلينا ان نستقيد بما يمر به الاخرون
ومنذ سنوات وانا اتابع
بريد الجمعة
في الفترة التي كان
الاستاذ عبد الوهاب مطاوع مشرفا على بريد الجمعة في الاهرام
ولكم استفدت من قراءتي لتلك التجارب ولكم استمتعت بردود الاستاذ عليها
وبعدها اصبح
وإن شاء الله رب العالمين سأضيف
رسائل وقصص تباعا
في هذا الموضوع وانني على يقين انكم ستفيدون جدا من تلك القصص والعبر والتجارب
العيب الخطير!
يقول صاحب الرساله
فانا مهندس شاب تزوجت منذ عشر سنوات من فتاة رأيتها في حفل زفاف أحد الاقارب واعجبني وجهها الهادئ ورزانتها, فتقدمت لطلب يدها
, وبدأنا حياتنا معا من تحت الصفر, وتحملت معي زوجتي صعوبات البداية راضية, ولم تشعرني يوما بأي تقصير تجاهها وتجاه بيتي وراحت تدخر كل مليم من دخلنا لكي نحقق لانفسنا مانتمناه من حياة أفضل, وبفضل تدبيرها أنتقلنا من أول مسكن للزوجية في احدي الضواحي إلي مسكن أوسع قريبا من وسط المدينة وتحسنت أحوالي المادية كثيرا, ووجدت زوجتي دائما غاية في الرقة معي وغاية في التفاني في رعايتي, فهي لاتصبر علي خصامي لها ولو لساعة واحدة, ولاتطيق ان تراني حزينا أو عابس الوجه, لأني أول وآخر انسان في حياتها
وقد ملأ حبي قلبها وسكن في جوانحها واذا غضبت راحت تحوم حولي كالفراشة تسألني ماذا بك. هل أغضبتك هل فعلت شيئا ضايقك؟ هل أغضبك احد في العمل الخ, ولاتدعني حتي تسري عني وتعيدني إلي طبيعتي, ولاتري أي مانع إذا ماادركت أنها سبب غضبي في أن تسترضيني بكل وسيلة وتقبل رأسي لكي اصفح عنها بل لقد غضبت منها ذات مرة فقبلت يدي وحاولت تقبيل قدمي ايضا لولا انني منعتها من ذلك رفقا بها.
اما بيتي فنظيف دائما بشهادة الجميع وتفوح منه رائحة الحب التي تنبع من قلب زوجتي, واما أهلي فهي تحبهم أكبر الحب ويبادلونها نفس الشعور, وهي تستحوذ علي قلوبهم جميعا, وتستقبلهم في بيتي أحسن استقبال في وجودي وفي غيابي علي السواء, واسرتي تضرب بها المثل في جميع المناسبات, واما اولادي فهم دائما وبفضلها في اجمل صورة.
المشكلة هي انني منذ حوالي عامين وجدت نفسي تعزف لا اراديا عن زوجتي ويقوم سد منيع بيني وبينها, وبدأت اراها نحيفة الجسم بعض الشيء وقصيرة القامة كما وجدتني أفكر في الزواج من أخري ذات قوام فارع وجسم قوي فاره!
اعرف انك لن تترفق لي لكن هذه هي المشكلة التي اعانيها ولم اكن اشعر بها قبل الزواج ولا في سنواته الأولي, ولقد اصبحت الآن تلح علي وزوجتي تحس بذلك وتتألم له وتمزق واراها تبكي من حين لآخر في صمت ولاتنام كثيرا.
انني لا ادري ماذا حدث لي ولا ما هو سبب تحطيمي لقلب زوجتي المحبة ولكنى وفكرت جديا في الزواج من غيرها فماذا عساي ان اقول لأهلي و كيف ابرر لهم وهم لا يلمسون اية مشكلة في علاقتي بها ويشيدون بها دائما.
أنني ارجوك إلا تهمل رسالتي واعدك بان انفذ ما تنصحني به وان اتحمل كل ما تنتقدني فيه بنفس راضية.
كان رد الأستاذ عبدالوهاب مطاوع مايلى
ولكاتب هذه الرسالة أقول
ياسيدي هل كتبت رسالتك هذه ورغبت في نشرها لكي تثير عليك حنق المبتلين بهموم الحياة الحقيقية؟
لقد عزفت عن نشرهافى البدايه
لكي اجنبك ماسوف ينهال عليك من سخط من جانب من يحترمون آلام الآخرين الجادة لكنهم ليسوا علي استعداد لأن يتعاطفوا مع من لم يجد مايشكو منه في حياته فشكا من اكتشافه بعد ثماني سنوات من الزواج مثل هذا العيب الخطير في زوجته وهو قصر قامتها ونحافتها بعض الشيء
وكأنما قد خدعته طوال هذه السنين وتخفت عنه بعيبها الرهيب, ثم سقط الستار عنه فجأة, فبدا جليا واضحا للزوج المخدوع!
وسؤالي البديهي لك هو:
كيف خدعتك زوجتك وتخفت بعيوبها عنك حين رأيتها لأول مرة في زفاف احد الأقارب قبل عشر سنوات؟ وكيف نجحت في كتمان هذا السر الرهيب عنك طوال ثماني سنوات من الزواج السعيد كانت خلالها ومازالت حتي الآن نعم الزوجة المحبة والمخلصة لك ونعم الأم الرءوم لأطفالها.. والشريكة العطوف مع أهلك حتي ليشيدوا بها في جميع المناسبات؟
وكيف انقشعت فجأة هذه الغشاوة عن عينيك.. فرأتا مالم تكن ترياه قبل العامين الأخيرين؟
الحق ان زوجتك لم تتغير منذ رأيتها لأول مرة في حفل الزفاف, لكن عينيك هما اللتان تغيرت زوايا الرؤيا بالنسبة لهما.. فرأتا في زوجتك فجأه.. مالم تكن ترياه فيها من قبل ولاعجب في ذلك
لأن
عيب الرضا عن كل عيب كليلة
وعين السخط تبدي المساويا
والعين التي تري بها زوجتك التي تقوم منها رائحة الحب تجاهك, ليست عين السخط علي وجه التحديد وانما هي عين البطر.. والبطر لغويا هو الاستخفاف بالنعمة والكفران بها.
والانسان حين يكون مشغولا بهموم الحياة الجادة كبناء حياته ومستقبله والسعي لتوفير الحياة الكريمة لنفسه واسرته, يركز انتباهه علي مايستحق الاهتمام به والسعي اليه, وحين يصل الي غايته ويلتقط انفاسه.. ويتسع الوقت امامه للتفكير في حياته وتتوافر له القدرة علي اختيار الافضل لها, فان الفضلاء منا يرضون بما حققوه لأنفسهم ـ ويشكرون ربهم علي ماانعم به عليهم, ويعتزمون صادقين ان يعوضوا شركاء حياتهم وابناءهم عما حرمتهم الظروف منذ تقديمه إليهم خلال سنوات الكفاح والصعود,
أما الجاحدون منا, فإنهم بدلا من أن يشكروا ربهم علي ماسخت به السماء عليهم, فإنهم يتفننون في اختلاق الأسباب للسخط علي حياتهم, وادعاء الأسباب التي يبررون بها لأنفسهم شكواهم منها وعدم رضائهم عليها, وهؤلاء هم غالبا يجحدون ما بين أيديهم ويطلبون ما يتوهمون فيه سعادتهم الموعودة فتلقنهم الحياة غالبا دروسها القاسية, ولا غرابة في ذلك
لأن الهادي البشير صلوات الله وسلامه عليه يقول لنا ما معناه: إن التحدث بالنعمة شكر, وتركها كفر ومن لا يشكر القليل لا يشكر الكثير ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله.
ويقول لنا الحسن البصري: إن الله ليمتع بالنعمة ما شاء, فإذا لم يشكر عليها قلبها عذابا.
والبطر بالنعمة أهم أسباب زوالها وفي التنزيل الحكيم وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها.
وأنت أيها الشاب تتبطر الآن وبعد أن تجاوزت صعوبات البداية علي معيشتك وعلي الزوجة المحبة التي تحوم حولك كالفراشة إذا تكدرت, وتقبل رأسك ويدك إذا غضبت منها وتحسن عشرتك وترعي أبناءك وبيتك وأهلك وتسخط بذلك علي الكثير الموجود طلبا للمجهول المفقود.
وما هو هذا المفقود الذي تتطلع إليه وتتشكي من أجله أهو بضعة كيلو جرامات زائدة في وزن زوجتك وبضع بوصات أكثر في طول قامة زوجتك؟ ومتي كانت السعادة الزوجية بالوزن أو بطول القامة أيها الشاب؟ لو كان الأمر كذلك لكان ذكر الخرتيت أو ذكر الفيل أسعد المخلوقات طرا ولكان ذكر الزرافة أحظي الكائنات بها إذ وماذا عن النفس الرضية والقلب المحب والعشرة الطيبة والإخلاص للشريك والاعتزاز به وحسن معاملة الأهل وحفظ الزوج في عرضه وبيته وماله وأولاده؟
لقد حققت بعض النجاح المادي في حياتك لكنك قد تراجعت كثيرا وكثيرا في فهمك الصحيح للحياة والسعادة والأشياء الأولي باهتمام الإنسان ورعايته, فكأنما قد نجحت عمليا وتخلفت إنسانيا
ونصيحتي الوحيدة لك هى
أن تراجع مرة أخري ما نشر وينشر في هذا الباب من هموم البشر وعذاباتهم الحقيقية وتتخذ في حياتك ما تشاء بعد ذلك من قرارات علي ضوء فهم أعمق وأرقي للحياة الزوجية.