جانب كبير من تحقيق عبوديتنا لله عز وجل يظهر في دعائنا له سبحانه؛ فدعاءُ اللهِ يعني أننا نُؤمن بقدرته على تحقيق ما نُريد، ويعني أننا نعلم أنه -سبحانه- لا شريك له؛ لذلك نطلب منه ولا نطلب من غيره؛ لهذا كان لزامًا علينا لتحقيق هذه المعاني أن نستمرَّ في ط§ظ„ط¯ط¹ط§ط، ونُكَرِّره؛ حتى إن لم تكن المؤشِّرات المادِّيَّة التي بين أيدينا تُشير إلى احتمال تحقُّق ما نُريد؛ ذلك لأن الله لا يُعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو يحبُّ لنا أن نعرف هذه القدرة له، ومن هنا كان من ط³ظڈظ†ظ‘ظژط© الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يطلب من الله ما يُريد دون تردُّد أو شكٍّ؛ فقد روى البخاري عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلْيَعْزِمِ المَسْأَلَةَ، وَلاَ يَقُولَنَّ: اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ فَأَعْطِنِي. فَإِنَّهُ لاَ مُسْتَكْرِهَ لَهُ".
فقول العبد: اللهم إن شئتَ فأعطني. وإن كان ظاهره الأدب مع الله، فإنه يحمل معاني الشكِّ في قدرة الله على تحقيق ما نُريد؛ لذلك نهى عنه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وأمرنا أن نعزم -أي نُؤَكِّد- في المسألة؛ بل كان من سُنَّته صلى الله عليه وسلم أن يُكَرِّر دعاءه ثلاث مرات؛ وذلك لما رواه مسلم عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ: ".. وَكَانَ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا دَعَا دَعَا ثَلاَثًا..". فهذا عزم وتأكيد في الدعاء.
ثم أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستمرَّ في ط§ظ„ط¯ط¹ط§ط، حتى إن لم نرَ الإجابة السريعة لدعائنا؛ فقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يُسْتَجَابُ لأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، يَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي".
فلا بُدَّ لنا في دعائنا أن نتذكَّر أننا في عملية عبودية حقيقية لله عز وجل، وأن نتذكَّر كذلك أنه على فرض عدم تحقيق ما نُريد من دعوات في الدنيا فإن هذا ط§ظ„ط¯ط¹ط§ط، هو جزء من عبادتنا لخالقنا ورازقنا سبحانه، وهو في النهاية مُدَّخَر لنا يوم القيامة، فلْنعزم في المسألة، ولْنُلِحَّ في الدعاء، ولْنعلم أننا مأجورون عليه بصرف النظر عن الإجابة.
ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].
د.راغب السرجاني
[/CENTER]