(( عشر ذي الحجــــة ))
هذه الأيام التي لا تساويها أيام فبينما يقف الحجيج والسكينة تملأ قلوبهم يسألون الله تعالى
أن تتنزل عليهم الرحمات ، لسان حالنــا يقول ليتنا كنا معهم !!
فأراد الله تعالى ألا يحرمنا من عظيم الثواب في هذه الأيام التي أقسم بها
والليالي ط§ظ„ط¹ط´ط± هي : عشر ذي الحجة وهذا ما عليه جمهور العلماء من السلف والخلف
وإذا أقسم الله تعالى بشيء دلّ هذا على عظم مكانتــه وفضله والعظيم لا يقسم إلا بعظيم وفضل الله تعالى هذه الأيام على سائر الأيام والعمل الصالح فيها أفضل من الجهاد في سبيل الله عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام – يعني أيام ط§ظ„ط¹ط´ط± – قالوا :
يا رسول الله ، ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء )) رواه البخاري
ولنتذكر إخواني أن أعمار هذه الأمة هي أقصر أعمارا من الأمم السابقة قال صلى الله عليه وسلم : (( أمتي ما بين الستين إلى السبعين ))
ولكن الله بمنه وكرمه عوضها بأن جعل لها كثيرا من الأعمال الصالحة التي تبارك في العمر فكأن من عملها رُزق عمرا طويلا .
فهيـــا نتعاون إخواني على استغلال هذه الأيام بـــ :
( 1 ) التوبـــــة الصادقة :فعلى المسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة بالتوبة الصادقة والعزم الأكيد على الرجوع إلى الله ففي التوبة فلاح للعبد في الدنيــا والآخرة يقول تعالى : (( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ))
( 2 ) أداء الفرائض في أوقاتها والإكثار من النوافل فإنها من أفضل القربات :
روى ثوبان رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( عليك بكثرة السجود لله ، فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة )) رواه مسلم ، وهذا عامٌ في كل وقت .
( 3 ) الصيام : لدخوله في الأعمال الصالحة
( 4 ) التكبير والتهليل والتحميد : لما ورد في حديث ابن عمر رضي الله عنهما (( فأكثروا فيهنّ من التهليل والتكبير والتحميد ))
قال الإمام البخاري كان ابن عمر وأبوهريرة – رضي الله عنهم – يخرجان إلى السوق في أيام ط§ظ„ط¹ط´ط± فيكبرون ويكبر أهل السوق معهم
والمستحب : الجهر بالتكبير للرجال ، والنساء يكبرنّ ولكن مع خفض الصوت .
فحريّ بنا أن نحي هذه السنة التي هُجرت في هذه الأيام .
والتكبير نوعان :
مطلق : في جميع الأوقات من أول دخول شهر ذي الحجة إلى آخر أيام التشريق .
ومقيد : في أدبار الصلوات من صلاة الصبح يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق .
( 5 ) الإكثار من قراءة القرآن : فإن القرآن كما وصفه الله عزوجل هدى للمتقين وبه السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة ، وقد ورد في فضل قراءته الأجر العظيم قال صلى الله عليه وسلم : (( من قرأ حرفا من كتاب فلــه حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها لا أقول : الم حرف ، ولكن ألف حرف ، ولام حرف ، وميم حرف ))
( 6 ) الجلوس في المصلى إلى أن تطلع الشمس : أخرج الترمذي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة )) هذا في كل الأيام فكيف أيام ط§ظ„ط¹ط´ط± ط§ظ„ظ…ط¨ط§ط±ظƒط© ؟؟
( 7 ) الصدقة : وهي من أبواب القربات المشروعة طوال العام وقد أجزل الله عزوجل العطية للمنفقين قال تعالى : (( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ )) وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة ولو بالقليل فقال : (( اتقوا النار ولو بشق تمرة ))
قال ابن القيم رحمه الله : فإن للصدقة تأثيرا عجيبا في دفع البلاء
وأعظم أنواع الصدقة على ذوي القرابة والرحم فإن الأجر مضاعف قال صلى الله عليه وسلم :
(( الصدقة على المسكين صدقة ، وعلى ذي الرحم اثنتان صدقة وصلــة ))
( 8 ) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : قال صلى الله عليه وسلم : (( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان )) رواه مسلم
قال العلامة حمد بن عتيق رحمه الله : (( فلو قُدِّر أن رجلاً كان يصوم النهار ويقوم الليل ويزهد في الدنيــا كلها ، وهو مع هذا لا يغضب لله ، ولا يتمعَّر وجهه ، ولا يحمر ، فلا يأمر بالمعروف ، ولا ينهى عن المنكر ، فهذا الرجل من أبغض الناس عند الله وأقلهم دينـــاً ))
( 9 ) حفظ الجوارح : ومن أهمها اللسان قال صلى الله عليه وسلم (( إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يَزلُّ بها إلى النار أبعد مما بين المشرق والمغرب )) رواه مسلم
فلنحفظ ألسنتنا عن الغيبة والنميمة وقول الزور والإستهزاء وفحش الكلام .
كذلك غض البصر عن الحرام قال تعالى : (( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ))
البصر نعمة من الله ، فلا ننظر بنعمة الله عزوجل إلى ما حرم علينا بل نستعن به على طاعة الله عزوجل وقراءة القرآن والتفكر في ملكوت السموات والأرض .
( 10 ) قيام الليل ولو بركعات قليلة : فقد أثنى الله تعالى على أهل الجنة بعدة صفات منها قيام الليل فقال سبحانه (( كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ )) وقيام الليل عبادة تصل القلب بالله وتجعله قادرا على التغلب مغريات الحياة وعلى مجاهدة النفس ، ومن ظن بنفسه القيام في ثلث الليل الأخير فهو الأفضل ، وإلا صلى وأوتر قبل أن ينام .
( 11 ) بر الوالدين وصلة الرحم : وبر الوالدين من أفضل الأعمال وأعظم الطاعات ، فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنهما قال : (( سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي العمل أحب إلى الله ؟ قال : الصلاة في وقتها ، قلت : ثم أي ؟ قال : بر الوالدين ، قلت : ثم أي ؟ قال : الجهاد في سبيل الله )) متفق عليه
ومن صور البر : طلاقة الوجه ، خدمتهما ، إدخال السرور عليهما ، وتحمل أذاهمـــا ، مد يد العون إليهما .
ومن صور البر بهما بعد موتهما : ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم حينما سأله رجل من الأنصار فقال : يا رسول الله ، هل بقي عليَّ من بر أبوي شيء بعد موتهما أبرهما به ؟ قال : (( نعم ، خصال أربع : الصلاة عليهما ، والاستغفار لهما ، وإنفاذ عهدهما ، وإكرام صديقهما ، وصلة الرحم التي رحم لك إلا من قبلهما ، فهو الذي بقي عليك من برهما بعد موتهما )) [رواه أحمد].
وفي الحث على صلة الرحم آيات وأحاديث كثيرة منها قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( الرحم مُعلقة بالعرش تقول : من وصلني وصله الله ، ومن قطعني قطعهُ الله )) متفق عليه.
ومن أعظم أنواع صلة الرحم : دلالتهم على الخير ، وأمرهم بالمعروف ، ونهيهم عن المنكر ، وتفقد أحوالهم ، وسد حاجاتهم .
( 12 ) المحافظة على الوقت : فإن رأس مال المؤمن في هذه الدنيا هو وقته الذي يزرع فيه للدار الآخرة يقول صلى الله عليه وسلم : (( اغتنم خمساً قبل خمس : حياتك قبل موتك ، وصحتك قبل سقمك ، وفراغك قبل شغلك ، وشبابك قبل هرمك ، وغناك قبل فقرك )) رواه الحاكم وصححه الألباني.
( 13 ) صيام يوم عرفة: يتأكد صوم يوم عرفة لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال عن صوم يوم عرفة: (( أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده )) رواه مسلم .
( 14 ) الأضحيــــــة : وهي سنة مؤكدة في حق الموسر ، والأصل في الأضحية أنها مشروعة في حق الأحياء، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يضحون عن أنفسهم وأهليهم .
فيما يجتنبه من أراد الأضحية
إذا أراد أحد أن يضحي ودخل شهر ذي الحجة إما برؤية هلاله أو إكمال ذي القعدة ثلاثين يوما فإنه يحرم عليه أن يأخذ شيئا من شعره أو أظفاره أو جلده حتى يذبح أضحيته، لحديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخلت ط§ظ„ط¹ط´ط± وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره " رواه أحمد ومسلم، وفي لفظ: "فلا يمس من شعره ولا بشره شيئا حتى يضحي " وإذا نوى الأضحية أثناء ط§ظ„ط¹ط´ط± أمسك عن ذلك من حين نيته، ولا إثم عليه فيما أخذه قبل النية.
وهذا الحكم خاص بمن يضحي، أما المضحى عنه فلا يتعلق به، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( وأراد أحدكم أن يضحي… )) ولم يقل: أو يضحى عنه؟ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي عن أهل بيته، ولم ينقل عنه أنه أمرهم بالإمساك عن ذلك.
وإذا أخذ من يريد الأضحية شيئا من شعره أو ظفره أو بشرته فعليه أن يتوب إلى الله تعالى و يعود، ولا كفارة عليه.
وإذا أخذ شيئا من ذلك ناسيا أو جاهلا أو سقط الشعر بلا قصد فلا إثم عليه، وإن احتاج إلى أخذه فله أخذه ولا شيء عليه، مثل أن ينكسر ظفره فيؤذيه فيقصه، أو ينزل الشعر في عينيه فيزيله، أو يحتاج إلى قصه لمداواة جرح ونحوه.
( 15 ) صلاة العيد : وهي متأكدة جدًّا، فينبغي حضورها، وسماع الخطبة، وتدبر الحكمة من شرعية هذا العيد، وأنه يوم شكر وعمل صالح.
( 16 ) أيام التشريق : وهي الأيام الثلاثة التالية ليوم النحر وهي التي عناها الله تعالى بقوله: ((وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ )) وهي أيام عيد للمسلمين؛ لحديث: (( يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام منى: عيدنا أهل الإسلام )) وقد نهي عن صيامها، وهي واقعة بعد ط§ظ„ط¹ط´ط± الفاضلة، فـتـشــرف بالمجاورة أيضاً، وتشترك معها بوقوع بعض أعمال الحج فيها، ويدخل فيها يوم النحـــــر، فيعظم شرفها وفضلها بذلك كله كما أن ثانيها وهو يوم القر، وهو الحادي عشر أفـضـــل الأيـام بعــد يـوم النحـر، قال فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- : (( أيام التشريق أيام أكل وشرب، وذكر لله )) أخرجه مسلم
وهناك أعمال أخرى يستحب الإكثار منها في هذه الأيام بالإضافة إلى ما ذكر، نذكر منها على وجه التذكير ما يلي:
الإستغفار ـ وإفشاء السلام وإطعام الطعام ـ والإصلاح بين الناس ـ والإحسان إلى الجيران ـ وإكرام الضيف ـ وإماطة الأذى عن الطريق ـ وكفالة الأيتام ـ وزيارة المرضى ـ وقضاء حوائج الإخوان ـ والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ـ وعدم إيذاء المسلمين ـ والرفق بالرعية ـ والدعاء للإخوان بظهر الغيب ـ وأداء الأمانات والوفاء بالعهد ـ وإغاثة الملهوف ـ وإسباغ الوضوء ـ والدعاء بين الآذان والإقامة ـ وقراءة سورة الكهف يوم الجمعة ـ والحرص على صلاة العيد في المصلى ـ وذكر الله عقب الصلوات ـ والحرص على الكسب الحلال ـ وإدخال السرور على المسلمين ـ والشفقة بالضعفاء ـ واصطناع المعروف والدلالة على الخير ـ وسلامة الصدر وترك الشحناء ـ وتعليم الأولاد والبنات ـ والتعاون مع المسلمين فيما فيه خير.
بعد ما مر بنا ينبغي لكل منا أن يستغل هذه الأيام بطاعة الله وذكره وشكره والقيام بالواجبات والإبتعاد عن المنهيات واستغلال هذه المواسم والتعرض لنفحات الله لنحوز على رضاه.
اللهم وفقنا لعمل الطاعات والفوز بالجنات
وصلى اللهم على محمد وآله وصحبه وسلم .
وجعله الله فى موازين حسناتك
:
:
الف شكـــــر على الموضوع
وجزاك الله خيــــــــر
:
:
[/CENTER]
الله يديكِ العافيـــــــــــــــــة…