لكن رغم هذه التحديات التى تواجهها الأرملة، فان المجتمع تتغير نظرته إليها ويصبح بمثابة الرقيب عليها فكيف تصارع المرأة المرحلة الجديدة التى فاجأتها وغيّرت حياتها رأسا على عقب؟ وكيف تختلف نظرة المجتمع إليها؟ هذا ما نحاول تحليله فى التحقيق التالي:
فى البداية نشير إلى أن مصطلح الأرملة يطلق على المرأة التى توفّى زوجها، ولم تتزوّج بعده. ونجد فى أغلب الحالات أن الأرملة لا تتزوّج بعد رحيل زوجها "وفاته"، لتخلّد ذكراه، كما أنه فى حالات أخرى تتزوج المرأة بعد وفاته لما تفرضه عليها ظروف الحياة الصعبة، أو كونها لم تستطع إعالة أبنائها بمفردها فيكون الزواج سبيلها. لكن العديد من النساء الأرامل يرفضن بشدة الزواج ثانية ويناضلن من أجل الأبناء، وتواصلن مشوار حياتهن دون الزواج ثانية رغم ما يواجهنه من صعوبات عديدة. وتبوح فاتن "أرملة 45 سنة" بمعاناتها النفسية التى عاشتها ومازالت تعيشها بعد وفاة زوجها منذ سنتين بعد اصابته بمرض عضال، أودى بحياته، فقد انقلبت حياتها رأسا على عقب بسبب تحمّلها لمسؤوليات الحياة بمفردها. فتكاثرت عليها الأعباء حتى أصبحت عصبيّة وتثور لأتفه الأسباب. وتشير فاتن إلى أن أبناءها ضاقوا ذرعا بمعاملتها الشديدة والقاسية عليهم.
فأصبحت ممزّقة بين اللين والشدة وهو ما أثر فى نفسيتها كثيرا. وتضيف أنها قبل وفاة زوجها، كانت كل حاجيات المنزل فى كفالته لكنها الآن أصبحت ملزمة بالاعتناء بكل كبيرة وصغيرة باعتبارها ربة البيت ومسؤولة عن كل شيء فيه. وتنفى فاتن نفيا باتا كونها تفكّر فى الزواج ثانية بعد وفاة زوجها، بل اختارت أن تكرّس حياتها لأطفالها، وتحقق حلم والدهم فى أن ينهوا دراستهم، وأن يكون لهم شأن ومقام مرموقين فى المجتمع.
مشاكل أخرى عديدة تعانيها الأرامل، وتؤكد جميلة ذلك "32 سنة" ولها ولدان، فأهم مشكلة تواجهها هى نظرات الاشفاق والتعاطف من قبل أهلها وأهل زوجها، وكأنها شخص عاجز لا يمكنه مواجهة الحياة بمفرده، بل يقترحون عليها أن تتزوّج مرة أخرى. وهى تتردد فى هذا القرار الصعب من وجهة نظرها. لكنها ان وافقت فستوافق حتى لا تواجه الاشاعات والأقاويل، وحتى لا تكثر الفتن حولها، لأن الأرملة، كما أكدت جميلة، مراقبة فى تصرفاتها من قبل المجتمع. وتشير إلى أن جاراتها يراقبن تصرفاتها ويسألنها عن كل شخص يزورها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. وهى تتفادى -كلام الناس- حتى لا يؤثر ذلك على حياتها وحياة طفليها.
معاناة اجتماعية
أرملة أخرى، استجوبناها، تبلغ من العمر 27 سنة، لم تشأ ذكر اسمها، واجهت الوحدة بعد ثلاث سنوات من زواجها. توفى زوجها بعد أن أنجبت ابنة. وتعيش ظروفا صعبة خصوصا أن زوجها لم يكن لديه عمل ودخل قاران، وقد واجهت عديد المشاكل من قبل عائلتها خصوصا لعدم رضا والديها عن هذه الزيجة. وقد أجبرت على أن تعمل وهى تشكو من نظرة المجتمع إليها من جهة، والضغوط النفسية من جهة أخرى، فبعد فقدانها شريك حياتها، أصبحت وحيدة لا تؤنس وحدتها سوى ابنتها مريم، وهى تأمل أن لا تشعرها بفقدان حنان والدها سواء من حيث المشاعر أو من حيث احتياجاتها.
هاجر، هى الأخرى، صدمت كثيرا بعد وفاة زوجها، فرغم أن لها ثلاثة أبناء أكبرهم عمره عشرون سنة والصغير ابنة عمرها 21سنة، فان الفراق أثّر فيها كثيرا إذ فقدت عالما بأكمله كما تقول ورغم ذلك فقد احتفظت بكل ممتلكاته وأشيائه الخاصة من ثياب وكتب.. حتى أنها حافظت على ترتيب البرنامج الغذائى الذى كان يفضّله زوجها خلال أيام الأسبوع.
وتقول "أشعر بحزن عميق لفقدانه، وقد ترك فجوة عميقة لكامل الأسرة خاصة الأبناء فهم يتصرفون وكأنه مازال بيننا، مع العلم أننا فعلا نشعر أنه يعيش حاضرا بيننا، فكل نجاح يحققه أحد أبنائى يبلغه لوالده من خلال صوره العديدة الموجودة فى كامل أرجاء المنزل. وتؤكد هاجر أنها تتفانى فى الأعمال التى كان يقوم بها زوجها كالاهتمام بحديقة المنزل وذلك تخليدا لذكراه". وتضيف أن وقع الصدمة كان شديدا عليها فى البداية حتى أنها لم تستطع النطق لأيام عديدة، لكن بمساعدة أبنائها بدأت تتخطى دائرة الحزن تدريجيا كما بدأت تتقبل وضعها الجديد شيئا فشيئا، وتعتبر أن أبناءها أحسن هدية تركها لها زوجها وستتفانى فى الاهتمام بهم ومواصلة درب زوجها بمفردها.
رؤية المجتمع
يفسر الدكتور حمدى ياسين "أستاذ علم النفس" نظرة المجتمع إلى الأرملة بأنها
رؤية تعتمد على طبيعة وثقافة وأخلاقيات هذا المجتمع ومدى التزامه بدينه، والخبرات التى مرّ بها فى الأسرة من تعرّضت أمه أو أخته للترمّل فيكون حكمها على المرأة صحيحا وثاقبا. وتسهم المرأة نفسها فى بلورة هذه النظرة سلبا أو ايجابا. فاذا كانت هذه السيدة "الأرملة" وفية لزوجها مكافحة مع أولادها فانها غالبا ما تلقى المساندة والتأييد والتعاطف من قبل الآخرين لاستكمال رحلتها فى تربية أبنائها ورعايتهم. ويضيف الدكتور حمدى أن الوعى والثقافة يضطلعان بدور كبير فى تشكيل الصورة الاجتماعية لدى الأفراد بحيث لا يأخذون الناس بالشبهات، ولا يتسرّعون فى قذف المحصنات والحكم عليهن بلا بيّنة. ويرى أن الصورة الايجابية للأرملة تساعدها على الانخراط والتفاعل مع الآخرين فى العمل وبين الجيران والأقارب، وتحاول أن تخلق لنفسها جماعة بشرية سويّة لتضميد جراحها وضمان عودتها للبداية الصحيحة.
فراغ عاطفي
عن نفسية الأرملة بعد وفاة زوجها، تشير الدكتورة آمنة أبو كيفة "اخصائية العلاج النفسي" إلى أن المرأة حين تفقد الزوج باعتباره العائل والسند فانه يحدث لها عدم اتزان لفترة ثم تصبح احدى اثنتين، اما أن تتماسك أو تنهار كما أنها تتعرض إلى فراغ عاطفى وكذلك الأبناء نتيجة لغياب الزوج، وهنا تأتى حاجة المرأة إلى الزواج لتسد هذا الفراغ وأحيانا تواجه المرأة حين ترغب فى الزواج مشكلات نتيجة ضغوط المجتمع والخوف على الأبناء، فتعيش فى صراع بين حاجاتها وخوفها على الأبناء وقد يتغلب حب الأبناء والخوف عليهم على رغبتها فى الزواج، أو تتطور الصراعات داخلها إلى قلق واحباط واكتئاب، وينعكس ذلك كله على أبنائها والمحيطين باعتبارهم السبب الذى يحول دون سعادتها.
ولذلك ترى الدكتورة آمنة أنه على المجتمع أن يساعد المرأة على الزواج اذا رغبت فى ذلك، ولا يعدّ ذلك نكرانا للشريك الراحل، وجحودا منها. تبقى الأرملة فى حاجة إلى مزيد العناية من قبل المجتمع الذى قد يسبّب لها فى أحيان كثيرة العديد من المتاعب من خلال المراقبة أو متابعة تصرفاتها، كما يجب عليها أن تتحلى بالصبر وحسن التصرف حتى تواصل مشوار حياتها كما ينبغى وتهتم بأبنائها على النحو الذى يرضيهم ويرضيها.
منال العابدي
منقول للفائده
وتتكبد المسئوليات تجاه ابنائها
وعندما تريد ان تمارس الحق الطبيعي بالزواج
ينكر عليها المجتمع ذلك وينظر لها وكانها خيانة منها ونسيان لزوجها
ولكن لا بد من تصحيح هذه النظرة فالأرملة انثى لها رغبات كباقي البشر
ولكن هذه ما ينكره المجتمع عليها
شكرا لك مسك على اثارة هذا الموضوع الهام
يسلموووووووووو
—————
لكن رغم هذه التحديات التى تواجهها الأرملة، فان المجتمع تتغير نظرته إليها ويصبح بمثابة الرقيب عليها
جزاك الله خيراً أخي مسك..
..جعله الله في ميزان حسناتك آخي
وفقك الله لما يحب ويرضى..
ودمت بخير..