الـهـم الإبــداعـي بـــيــن قــصــيــدتــي الــنــثــر والـنــص

الــهـــم الإبــــداعــــي بــــيـــن قـــصـــيـــدتــــي الـــنـــثـــر والــنـــص

د. نادية هناوي سعدون

اذا كانت القصيدة الكلاسيكية عمودية المبنى تلهث وراء التقليدية وتتنكر للتجريب والتمرد والخصوصية…….

فان ذلك لم يمنع من بزوغ اشكال شعرية تتماهى مع المذاهب المتمردة وتتلاقى مع الاتجاهات التحديثية لقصيدة التفعيلة وقصيدة النثر والشعر المنثور والمرسل

ويمثل شعراء الثمانينيات جيلا شعريا له مقومات الجيل الادبي القادر على ممارسة تلك الاشكال الشعرية التحديثية لكنه بالمقابل جيل يحفل بالغموض والضبابية الابداعية

بسبب الظروف التي لم تتح لهم التعبير والانطلاق والاكتشاف فكانوا ضائعين في خضم المشهدية الشعرية وفي ظل زخم ساخط لاستنطاق بنيات الخطابات الشعرية والهموم الابداعية

ومع اننا لا نعدم وجود شعراء امتهنوا كتابة القصيدة التقليدية ذات العمود والحافلة بالشطرين واخرين غلبت عليهم قصيدة التفعيلة وقصيدة الشعر الحر

لكن بعضا من اولئك الشعراء قد غلب عليهم لون شعري جديد يطلق عليه احيانا مصطلح قصيدة النص

وهو يلتقي نوعا ما مع شكل قصيدة النثر وياخذ كثيرا من سمات الكتابة الحرة النصية الذي اشاعته الاتجاهات النقدية الحداثية فيما بعد البنيوية لاسيما في فرنسا والمانيا وغيرها.

ولم تكن كتابة قصيدة النص انقطاعا عن المعتاد في الكتابة الشعرية في العراق ولا افتراقا عن الاتجاهات المالوفة بل كانت امتدادا للتجربة الشعرية

ولعل اهم سمات ذلك الامتداد المشاركة في المنظور الابداعي في صورة الانطلاق والتحرر عبر التطلع الى العالم الخارجي من منظار غير مهشم ولا ضبابي اذ سعى الشعراء الى التخلي عن قصيدة التفعيلة

واختيار قصيدة النثر او قصيدة النص كأداة شعرية للكتابة التجريبية في الشعر وفي اقل تقرير المراوحة بين قصيدة النص وقصيدة النثر

ان القصيدة النصية او قصيدة النص شكل من اشكال التجريب الكتابي المفتوح واللامتناهي في عالم الشعر والابداع

واذ كان هذا اللون من الكتابة الشعرية يتفق حسب الوصف الذي قدمناه مع قصيدة النثر الا ان له خصوصية تجريبية تجعله ذا كيان شعري متفرد وخاص او ذا كينونة ابداعية معترف بها.

ولعل من اوضح ما تمتاز به كينونة قصيدة النص انها تتخذ من مفهوم الاختلاف والمنافرة وسيلة لصدم افق توقع القارئ

وهي تتطلب قارئا مرنا يعيد قراءة النص بقراءات متعاقبة في الزمن والمكان بما يجعله قادرا على توليد الدلالات.

وهي لا تميل الى التكثيف والقصر بل هي توفر عنصر التوهج في القصيدة النثرية بمعنى التاثير الاجمالي الناشئ عن وحدة عضوية متماسكة

وتؤمن قصيدة النص بالتماهي بين الانواع الشعرية والانواع النثرية فلا فرق بينها وبين قصيدة النثر من ناحية الرغبة في الانزياح عن المالوف في نظام الشطرين ونظام السطر الشعري وكسر القواعد المظهرية للقصيدة التقليدية

فكلاهما خطاب شعري بنائي وحداثي يصدم ذهن القارئ ويباغت مخيلته ومثلما ان قصيدة النثر تقيم الجسور مع المستويات السردية فان قصيدة النص تسعى حازمة الى اعتلاء البنى السردية المتنامية داخل بنية الشعر

وتذهب الناقدة سوزان برنار الى وصف قصيدة النص بانها انفتاح على الاجناس الادبية ليس فيها نرجسية سيكولوجية فنية وانها ايضا الرغبة في التجريب

والانفتاح في فضاءات اللغة والاسلوب والبناء لكنها فوضوية او اعتباطية او انفلاتية وهي خطرات وومضات فكرية تستغل الفضاء لسطح الورقة والطباعة لا تعتمد اللغة وحدها في التخاطب والتواصل

بل تستعين بالرموز والاشارات والشفرات لمساحة الورقة لتحريك بصرية القارئ من خلال اللجوء الى المفارقة والمباغتة.

وعدت سوزان برنار المدرسة الرمزية تحريرا للشكل وانتصارا للشعر الحر ورات انه مع ابتداء السريالية اخذت القصيدة تاخذ تيارا يقوم على الايحاء المفاجئ والحلم والسرد

ويضع الشاعر نفسه في اللامنطق ويقدم لنا حكايات لا بداية لها ولا نهاية احداث تتلاحم خارج اي منطق لا يبررها شيء ولا تؤدي الى شيء في عالم هو عالمنا ولكنه يبدو لنا غريبا

وكما ان القصيدة الفوضوية لا تخضع لعادات الفكر المنطقي فانها لا تخضع كذلك لعادات اللغة وهي تتطلب اختراعات واشكالا جديدة في تقاليد الاسلوب الشعري وفي النظام والتناظرات واللازمات والتوازنات الايقاعية معا

واستخدمت مصطلحات مما يتعلق بفكرة التنظيم الفني كالقصيدة الشكلية او الدائرية والقصيدة الاشراف او القصيدة الفوضوية كما وجدت ان الشعر وحده هو القادر على استيعاب الاساطير لانه شكل اكثر حرية واكثر انفتاحا.

وفي حديثها عن شعر التمرد وتفكيك اللغة ذهبت الى ان معركة الانواع والاشكال هذه قد سمحت في الاقل لقصيدة النثر بان تبسط ميدان امكاناتها وللمفاهيم الشعرية الجديدة ان تتحدد معالمها

لان الشعر ليس وقفا على شكل او نوع معينين انه رؤية للعالم وتجربة روحية اكثر مما هو فن ومجموعة طرائق كما ان التجربة الداخلية للشاعر وموقفه امام الكون هما اللذان يحددان الشكل الشعري الواجب استخدامه

وهذا ما يمنح رؤيتها بعدا انفتاحيا يتسم بالتمرد والفوضوية والتجريب والانفتاح وعندها ان قصيدة النثر وهي نوع من التمرد والحرية تعني ثورة الفكر

ومظهرا من مظاهر النضال المتواصل للانسان ضد مصيره اكثر من كونها محاولة لتجديد الشكل الشعري

وبذلك تكون قصيدة النص امتدادا لحركة الحداثة الشعرية وتطويرا لتجارب قصيدة النثر في الشعر العربي الحديث

يعطيكى الف عافية طرح جميل

هلااااااااا فراااااشة
الله لا يحرمني من ردودك الحلوة

يسلمو حياتي

هلااااااااا حنين+
الله لا يحرمني من ردودك الحلوة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Scroll to Top