دخلت غرفتها ولفتت انتباهها _ربما للمرة الأولى _حقيبة السفر السمينة، وقفت ترقبها بصمت ثم سحبتها بعناء، واستخرجت منها كل القطع الملونة والجميلة التي لا تذكر منذ متى قامت بتخزينها داخلها؛ حملت بين يديها فستانا حريريا أحمر، مررته على خدها وتلمسته بحنان؛ وقفت أمام مرآتها وارتدته وهي تسائل نفسها، أحقاً أنا من إشترى هذا الفستان؟ لا تذكر منذ متى؛ تبسمت بتحسر، تأملت قامتها المتناسقة وهي تستدير يمينا وشمالا وتردد داخلها، بماذا تتميز عني فتيات الإعلانات والأفلام؟ نظرت داخل عينيها طويلاً، زاغ بصرها لترى على جبينها خطوطا من التجاعيد الرفيعة وحول فمها، أغمضت عينيها وحركت رأسها بعنف كأنها تنفض عنها كل الأفكار المرعبة وتلقي بها بعيداً، لا ليس بعد! جلست بإحباط وسط القطع المتناثرة حولها كأنها بحيرة من الأوان والأشكال، تسترجع ماضيها وتذكر أخر مرة تقدم لخطبتها زميل لها في العمل، كانت تخطط للمستقبل وكيف أنها في كل يوم بعد زواجها، الذي لم يتم، سترتدي ثوباً جديدا، وستظهر بحلة جديدة، وستسمع كل ليلة غزلاً ومديحا،وستغرق في بحور من الحب لا نهاية لها. ضحكت بصمت ومرارة. وقفت بعزم، رتبت القطع في دولابها، لوحت بالحقيبة الفارغة، ووضعتها في زاوية بعيدة فوق الدولاب، وهي تقول لنفسها بقناعة ورضا، الحي أبقى من الميت