تحدثوا إلى أبنائكم بأسلوب لطيف ومحبب، انشروا روح المرح والفكاهة بين أفراد الأسرة مع الالتزام بأدب الإسلام، وتبسموا لهم في كل حين، ارفقوا بهم واجعلوهم يشعرون بمحبتكم لهم وباهتمامك بشأنهم اهتماما كبيرا، مع تجنب ما يؤدي إلى الخلاف بينكم أمام الأبناء واحذروا الفجور في الخصام.
فإن الخلافات الدائمة بين الوالدين تخلق جوا من التوتر النفسي.
وانعدام وجود الصلات العاطفية التي تشيع الدفء والاستقرار النفسي بين أفراد الأسرة يحرم الأبناء في سنواتهم الأولى من التكامل النفسي السوي، ويؤدي إلى الإحساس بعدم الأمن والاطمئنان النفسي للعائلة ثم المجتمع فيما بعد.
في الوقت الذي تكون فيه الحاجة للشعور بالأمن من أهم الحاجات النفسية التي ينبغي توفيرها للطفل نجد أن الخلافات الزوجية تتعارض مع هذه الحاجة فالطفل نتيجة الخلافات خصوصا عندما يحتدم النقاش وتعلو الأصوات سيخيل إليه أن هذا البيت سينهار. إن الحاجة للأمن النفسي للطفل تدفعه لوسائل متنوعة من الهروب، فقد ينسحب إلى غرفة أخرى أو يخرج من البيت والبحث عن بديل وفي الغالب الرفقة هي البديل في هذه الحالة تلعب دورا في تشكيل الجانب السلوكي للأبناء إصلاحا أو عكسا. فإن كان جو المنزل مليئا بالمشاحنات والتعقيدات ويخلو من البهجة والمرح فلا شك أنه سيفضل الجو الخارجي المليء بالمغريات عن الجو الداخلي المليء بالمشاحنات.
أيضًا في الوقت الذي يحمل الطفل صورة ذات مكانة خاصة لوالديه فإن شجار والديه لا سيما عندما يتضمن سبا أو تحقيرا لأحدهما فإن ذلك يؤذي الطفل ويشوه الصورة التي يحملها عنه مما قد يكون له آثار سلبية.
قد ينحاز الطفل أثناء الشجار إلى أحد والديه مما يُكوّن موقفا عدائيا لأحد الوالدين.
بعض الأطفال يشعرون بالذنب وتأنيب الضمير عندما يحدث خلاف بين أبويهم وذلك لأن أكثر الخلافات تدور حول تربية الأبناء أو تصرفاتهم.
هذه هي الخطورة التي قد تتولد عن عدم توفير الجو الهادئ الدافئ في المنزل، إنه أمر خطير يجب أن تنتبه إليه كل أسرة، وأن تعمل بكل جهدها على تهيئته حتى يعرف الأبناء أن الإسلام يدعو إلى الحب والرفق والرحمة والمودة في كل العلاقات، وهذا لن يعمل عليه الأبناء إلا إذا التزم الآباء والأمهات آداب الإسلام في علاقاتهم مع بعضهم ومع أبنائهم.
تعاون الزوجين في بناء الأسرة وتربية الأولاد:
يتعاون الزوجان على بناء الأسرة وتحمل المسئولية.. عن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: ) كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته: الإمام راعٍ ومسئول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والخادم راعٍ في مال سيده ومسئول عن رعيته، وكلكم راعٍ ومسئول عن رعيته (… فكل منهما يكمل عمل الآخر فالمرأة تعمل ضمن اختصاصها، وما يتفق مع طبيعتها وأنوثتها، وذلك في الإشراف على إدارة البيت، والقيام بتربية الأولاد، وصدق من قال:
الأم مدرسة إذا أعددتها
أعددت شعبًا طيب الأعراق
والرجل كذلك يعمل ضمن اختصاصه، وما يتفق مع طبيعته ورجولته، وذلك في السعي على العيال، والقيام بأشق الأعمال، وحماية الأسرة من عوادي الزمن، ومصائب الأيام.. وفي مثل هذا تتم روح التعاون ما بين الزوجين، ويصلان إلى أفضل النتائج، وأطيب الثمرات في إعداد أولاد صالحين، وتربية جيل مؤمن يحمل في قلبه عزيمة الإيمان، وفي نفسه روح الإسلام، بل ينعم البيت أجمعه ويرتع ويهنأ في ظلال المحبة والسلام والاستقرار.
قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [سورة الروم آية: 21].
استقامة عامة على أمر الله، وحرص من الجميع على أداء الفرائض والكف عن المعاصي، مع التطلع إلى أن يكونوا أصلح وأتقى.
التفكير في مصلحة الأبناء وتغليبها على المصلحة الخاصة للوالدين. والحرص على التفوق والنجاح لدى الصغار والكبار.
ضرب القدوة الطيبة والحسنة للأبناء بتصرفاتهم وسلوكهم اليومي، فتسود بذلك قيم أخلاقية مثلى داخل إطار الأسرة، مساعدة الأبوين للأبناء والاهتمام بشئونهم وحل مشاكلهم ومنح أبنائهم المزيد من وقتهم لهو أمر مهم يعين في إضفاء جو من الحب والسرور والبهجة في العائلة، لأنهم بحاجة إلى اهتمامهم ورعايتهم ودعمهم ونصائحهم، ومراعاة مثل هذه الأمور تقوي الرابطة الأسرية بشكل كبير، وتساعد الأبناء على حفظ الصورة الطيبة للبيت المسلم المتعاون الخالي من المشاحنات والخلافات، وتجعل الأبناء يقدرون العلاقة الطيبة بينهم وبين والديهم تقديرًا بالغًا وتساعدهم في تربية أبنائهم والمحافظة على بيوتهم مستقبلا بإذن الله.
المراجع:
كتاب: (آداب الحياة الزوجية في ضوء الكتاب والسنة) الشيخ خالد عبد الرحمن العك.
كتاب: (قبل أن يصبح ابنك المراهق مشكلة) د. محمد رضا بشير، د. إكرام أحمد بشير.
كتاب: (آباء وأبناء) د. سعد رياض.
كتاب: (الخلافات شبح يهدد الحياة الزوجية) نهاد سيد إدريس علي.
كل الشكر على روعة طرحك ولك خالص ودي
بارك الله فيكم
بوركت جهودك الممتازة