الجدال ظˆط§ظ„ط´ط¬ط§ط± في ط§ظ„طظٹط§ط© الزوجية
من أصعب التحديات التي تواجه العلاقة العاطفية بين الزوجين، هو كيفية التعامل مع الفروق ووجهات النظر المختلفة، فمعظم الأزواج يبدءون النقاش حول موضوع معين، وفي أقل من خمس دقائق يتحولان للجدال حول طريقتهما في النقاش، ويتحول النقاش إلى معركة ساخنة، فالاختلاف في وجهات النظر لا يسبب الألم، وإنما الذي يسبب الألم الطريقة التي نعبر بها.
جرح المشاعر:
(إن الذي يجرح المشاعر بين الزوجين ليس هو موضوع اخلاف والجدال بقدر ما هو أسلوب التعبير عن هذا الخلاف، فالرجل أحيانًا عندما يشعر بالتحدي أو النقد، يبادر لتبرئة نفسه وإثبات صحة موقفه أو سلوكه، وإن كان هذا الدفاع عن النفس على حساب عدم إظهار مشاعر المحبة والعطف على زوجته، ومن دون أن ينتبه الرجل في حينها إلى موقفه أو أسلوبه في التعبير وهو يقوم بالدفاع عن نفسه، ومن الطبيعي أن تشعر المرأة أمام هذا الموقف وهذه اللغة بعدم محبة زوجها لها أو بأنه يتهجم عليها مما يجعلها تمتنع عن الاستماع له أو فهم وجهة نظره.
ومن طبيعة الرجل كذلك، أنه بعد أن يتكلم مع زوجته بطريقة تفتقد إلى الرعاية والعطف، يبدأ بمحاولة إقناعها بأنه كان عليها ألا تنزعج من شيء، ويظن أنها لا تريد أن تقتنع بوجهة نظره، أو أنها ترفض موقفه، بينما في الحقيقة كل ما في الأمر، أنها منزعجة من أسلوبه في الخطاب والحوار.
وفي المقابل، قد لا ترى المرأة أنها تجرح مشاعر زوجها عند النقاش والجدال، فعندما تشعر المرأة بالتحدي أو الانتقاد، تتبدل نبرة صوتها وبشكل تلقائي، ينم عن عدم الثقة أو الرفض، ولاشك أن عدم الثقة هذه من أكثر الأمور جرحًا ملشاعر الرجل، وخاصة عندما تأتي عدم الثقة من الزوجة، أقرب قريب للزوج) [التفاهم في ط§ظ„طظٹط§ط© الزوجية، مأمون مبيض، ص(201)، بتصرف].
مثال عملي:
يأتي الزوج من سفره متأخرًا بعض الشيء، وقد شعرت زوجته الحبيبة بالقلق عليها، وانشغل تفكيرها بما يمكن أن يكون قد حدث له، ولكنها بدلًا من أن تقول له ما يوحي بهذه المعاني وبشكل مباشر، كأن تقول: لقد قلقت عليك أو لقد شغلني غيابك جدًا، وجهت له أسئلة اتهامية: "كيف تتأخر بهذا الشكل، ولا تبالي بي؟" أو "هل من الصعب عبليك أن تخبرني أنك ستتأخر؟".
ولا ننسى أن نبرة الصوت تحمل عادة الكثير من التهكم والاتهام الذي يوحي بأن الزوجة لا تنتظر إجابة، وإنما تريد أن تخبر زوجها أنه لا غذر له يمكن قبوله لتأخره.
وعندما يسمع الزوج مثل هذه الأسئلة، فإنه لا يعود يسمع مشاعر زوجته وقلقها عليه لتأخره، بقدر ما يسمع استنكارها وعدم رضاها عن سلوكه، وهذا الاستنكار يجرح مشاعره جدًان فيبدأ في رد هجومها بأخذ الموقف الدفاعي.
والزوجة قد تقصد بهذه الطريقة الهجومية أن تلقن الزوج درسًا في احترامها وحبها، ولكن هذه الطريقة لا تسمح له أن يتعلم أي درس مفيد بل على العكس، إنها تقيم الحواجز والسدود بينها وبين زوجها بسبب سوء الفهم، وسوء الفهم هذا من أهم أسباب ط§ظ„ط¬ط¯ط§ظ„ بين الزوجين، كما أن عدم معرفة كل منهما بنفسية الآخر، واختلاف الحاجات العاطفية بين الرجل والمرأة من الأسباب الهامة أيضًا، فالمرأة مثلًا عندما لا تحب أمرًا ما في زوجها، يفسر الأمر تفسيرًا شخصيًا، وكأنه المقصود بذاته من الانتقاد، فيبدأ في جدالها حول أمور أخرى كالمال أو الأولاد أو تربيتهم، وهو في الحقيقة يجادل بسبب شعوره بقلة المحبة من الزوجة.
كيف ينشب الشجار والجدال؟
(تنشب الخلافات داخل الأسرة في أي وقت وبأي صورة، ويختلف مستواها من كونها محدودة إلى مشاكل كبيرة، ويبادر البعض إلى محاولة التوصل لحل هذه الخلافات من خلال الحديث عنها، ولكن أحيانًا تكون طريقة الحديث سببًا في زيادة اشتعال الخلاف بدلًا من حلهن ويكون العمل على الحل طريقًا لتصاعد الخلاف غلى خلاف أشد، أو يقود إلى الخروج تمامًا عن الموضوعية) [أنا لا أقول لك ذلك إلا لأني أحبك، ديبورا تانين، ص(91)].
نرى مثلًا زوجين مر على زواجهما ربع قرن من الزمان يحاربان بعضهما البعض بسبب الأبناء، وبينما يكون نزاعهما بسبب الحرص على الابناء ومستقبلهم وأمانهم، فإنه يقود إلى الطلاق، بمعنى أن يقود إلى فقدان الأنباء لأمانهم وضياع مستقبلهم.
بل نجد أن الزوجين قد يتشاجران (على الأمور الصغيرة، فيتجادلون على من وضع المقص في مكان غير مكانه؟ من لديه وقت فراغ أكبر؟ من يعمل عملًا شاقًا أكثر؟ أو من يعمل من أجل الأسرة أكثر، بل قد يشتاطون غضبًا، بسبب تأخر شريك ط§ظ„طظٹط§ط© عنهم لبضع دقائق مما جعلهم ينتظرون، بل ربما سمعنا عن زوج أو زوجة تشاجر مع شريك حياته، لأنه وضع المنشفة في مكان خاطئ) [لا تهتم بصغائر الأمور في العلاقات الزوجية، ريتشارد كارلسون، ص(94)، بتصرف].
إن وراء كل الأبواب المغلقة همومًا، قد تصل في بعض الأحيان إلى النقاش الحاد، الذي يؤدي في نهاية الأمكر إلى مشاجرة أو مشاحنة، ويضطر أحد الطرفين في بعض الأحيان إلى فقدان أعصابه ويتفوه بكلمات لا يقصدها، وفي هذه اللحظة على الطرف الآخر أن يكون متزنًا مستقيمًا، لأن تلك اللحظة خيط رفيع، إذا شُد من طرفيه انقطع، ومما يزيد من صعوبة الأمر أنه بعد وقت من العِشرة، ومواجهة الخلافات، ومحاولة فض النزاعات، يعتاد الزوجان أساليب وعادات يتصرفان وفقها كلما دعا الداعي لحل الخلافات، بمعنى أنهما كلما اختلفا، فإنهما يتصرفان بنفس الطريقة والأسلوب من بداية الخلاف وينتهيان لنفس النتيجة ويصلون إلى حالة عدم وجود أي حل للمشكلة.
الشيطان المستفيد الأول:
(لقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناه منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول ما صنعت شيئًا، ثم يجيء أحدهم، فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، فيدنيه ويقول: نعم أنت، فيلزمه) [رواه مسلم].
ومن ثم وجب على الزوجة والزوج أن يبذلا جهدهما لإبعاد أسرتهما عن كل نزاع وإغلاق أبواب الخلاف، وذلك عن طريق حسن الظن، وفي هذا أوصى الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقوله: (لا تظنن بكلمة خرجت من أخيك المسلم إلا خيرًا، وأنت تجد لها في الخير محملًا).
ويجب أن نؤكد على نقطة هامة وهي أن (من أبعدا الأقوال عن الصواب ما يطلق عليه البعض شجار المحبين، حيث يزعمون أن هذا الشجار دليل على مقدار حبهم بعضهم لبعض، والحقيقة أن هذا الشجار إن دل على شيء، فإنما يدل على قصور في النضج العاطفي للطرفين كما يدل على أن كلًا منهما يطلب من الآخر ما لا يحق له أن يطلب: كأن ينظر الزوج إلى زوجته وكأنها شيء محتكر).
أو ربما يدل هذا الشجار أن الزوجين إنما كان زواجهما ليحل كل منهما ما يعاني من مشكلات، ولاشك أن هؤلاء يفتقدون الانسجام قبل الزواج، وبعد الزواج) [استمتع بالحياة، لورنس جولد، ص(63)].
ورقة عمل:
1. لكي نتجنب ط§ظ„ط¬ط¯ط§ظ„ ظˆط§ظ„ط´ط¬ط§ط± في ط§ظ„طظٹط§ط© الزوجية لابد من المصارحة والإخلاص بين الزوجين (فليكن الصدق في الأقوال والأفعال والمشاعر، هو النبراس الهادي إلى حياة زوجية موفقة يسودها الحب, وترفرف عليها السعادة, ولكي نحقق ذلك علينا أن نعمل كل ما في وسعنا، ونتقبل الأمور بصدر رحب، ومعرفة دقيقة…ونتجاوب مع شريك حياتنا في إطار من الصدق والصراحة) [حتى يبقى الحب، د/ محمد محمد بدري، ص(711)].
2. يجب أن يسود الاحترام المتبادل بين الزوجين، فأنت أيها الزوج:
(1.عامل زوجتك معاملة إنسانية, بأن تستشيرها في أمورك, وتشركها في قراراتك.
2. اجلس معها لتبث لها همومك وتسمع منها همومها.
3. امزح معها واجعلها تمزح معك, وأشعرها بأنها صديقتك, وتوقف عن تحقيرها أو إهانتها, واعتذر إن أخطأت بحقها, وأخبرها إن تأخرت خارج المنزل, وقدم لها الهدية بين فترة وأخرى, واحترم آرائها واقتراحاتها.
4. أكرم زوجتك واحترمها وشاورها في كل شأن لكما وأظهر إعجابك بها) [حتى يبقى الحب, د.محمد محمد بدري].
وكذلك أنتِ أيتها الزوجة، عليكِ بتقدير زوجك، فحينما يخيم الصمت على زوجك(شجعيه, امدحيه، اقترحي عليه أسئلة), ولكن لا تتحدثي نيابة عنه, وهذه قاعدة من القواعد التي تجعل زوجك يواصل الحوار معك) [بالمعروف, د/ أكرم رضا, ص151-152].
المصادر:
· حتى يبقى الحب, د.محمد محمد بدري.
· بالمعروف, د/ أكرم رضا.
· استمتع بالحياة، لورنس جولد.
· لا تهتم بصغائر الأمور في العلاقات الزوجية، ريتشارد كارلسون.
· التفاهم في ط§ظ„طظٹط§ط© الزوجية، مأمون مبيض.
· أنا لا أقول لك ذلك إلا لأني أحبك، ديبورا تانين.
لا أريد أن أصل إلى مرحلة أمد يدي فيها لأنه حينها ستعني أن حياتنا انتهت
دمتي مبدعه …
ننتظر مزيدا من الابداع