أحبتـــي
الدنيا ط£ظ…ظ†ظٹط© أهل الآخرة جميعا . فكل يرجو الرجوع إليها , لا ليستزيد من متاعها ويستكثر من
زخارفها وحطامها , وإنما ليصحح الملة ويتوب من زلة ويتنافس في الخير كله .
أرأيت أهل الجنة في نعيمهم المقيم , وخيرهم العميم ,فيما لاعين رأت , ولاأذن سمعت , ولا
خطر على قلب بشر في النعيم الذي لا يكدره سخط , والراحة التي لايشوبها عناء , والسعادة
التي لا يخالطها شقاء , فيما تشتهيه النفس , وتلذ الأعين , وهم ـــ على الرغم من ذلك ـــ
يتمنون أن يعودوا إلى الدنيا فيعملونا بالصالحات ليرتفعوا في المنازل والدرجات , قال صلى
الله عليه وسلم :" إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون الكواكب الدري
الغابر في الفق من المشرق أو المغرب , لتفاضل ما بينهم "[1] .
وتأمل ــ إن شئت ــ حال الشهداء الذين قدموا أرواحهم ودماءهم رخيصة لله رب الأرض
والسماء , وأرواحهم في جوف طير خضر , لها قناديل معلقة بالعرش , تسرح من الجنة حي
شاءت , ثم تأوي إلى تلك القناديل وهم ـــ والحال ما علمت ـــ يتمنون لو
أن لهم كرة ثانية إلى الحياة الفانية فيعملون للحياة الباقية :" يارب نريد أن ترد ارواحنا في
أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى ".[2]
فإن كانت هذه ط£ظ…ظ†ظٹط© أهل الجنة , فما بالك بأماني أهل النار ؟! وهم الذين في جهنم يجشرون
وعلى وجوههم يسحبون وفي الأغلال يصفدون , في الشقاء الذي لا سعادة معه والكدر الذي
لا أنس فيه , ولا أمل في الخروج منه , وهم يصطرخون فيها :
{ ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون }[3] .
ربنا : أشقينا أنفسنا بالذنوب والخطايا والمعاصي والرزايا , فأرجعنا إلى الدنيا { نعمل صالحاً
غير الذي كنا نعمل } [4] .
فيأتيهم الجواب الذي تتقطع لهوله القلوب ولحسرته الأفئدة :{ أولم نعمركم ما يتذكر فيه من
تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير } [5] .
– – – – – – – – – – –
فيا أحبتـــي
ما زلنا في الأمنية .. وما زالت الفرصة أمامنا , والطريق بين أيدينا , فلنجد المسير إلى
السميع البصير , ولنفق من هذا السبات قبل أن يخترمنا الممات ..
فقد دنا الرحيل .. والزاد قليل .. والسفر طويل .. والخطب جليل .. والله المستعان .
مــلاك الأمر تقوى الله فـــأجعل
تقــاه عدة لصـــــــــــلاح أمـرك
وبــــادر نحو طاعـتــــه بعـــزم
فما تدري متى يمـضي بعمرك [6] .
زينت أيامك بسعــــــادة غامرة
منقول