إسلاميات – احاديث
عن كَعْب بن مالك قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَثَلُالْمُؤْمِنِ؛ كَمَثَلِ الْخَامَةِ مِن الزَّرْعِ, تُفِيئُهَا الرِّيحُتَصْرَعُهَا مَرَّةً وَتَعْدِلُهَا أُخْرَى حَتَّى تَهِيجَ, وَمَثَلُالْكَافِرِ؛ كَمَثَلِ الْأَرْزَةِ الْمُجْذِيَةِ عَلَى أَصْلِهَا لَايُفِيئُهَا شَيْء, حَتَّى يَكُونَ انْجِعَافُهَا مَرَّةً وَاحِدَةً.
شرح الحديث:
ففيهذا الحديث مثَّل النبي صلى الله عليه وسلم ط§ظ„ظ…ط¤ظ…ظ† والكافر في تعرضهملأنواع البلاء في هذه الحياة فشبه ط§ظ„ظ…ط¤ظ…ظ† بالنبتة الرطبة اللينة التي تؤثرفيها الريح فتحركها يمنة ويسرة وتخفضها تارة وترفعها أخرى وتظل على هذهالحال حتى تيبس وتنتهي,وهي الخامة من الزرع ومثّل الكافر أو المنافق ـ كمافي بعض الروايات ـ بالشجرة العظيمة التي لا تحركها الريح ولا تزحزحها ولاتؤثر فيها ما دامت ثابتة منتصبة حتى إذا أذن الله بانتهائها وفنائها أرسلعليها ريحا عاصفة قوية فتقلعها من الأرض دفعة واحدة وهي شجرة الصنوبر التيتتميز بعظمها وقوتها وتحملها للظروف المناخية السيئة كما ذكر ذلك شُرَّاحالحديث
ومعنى الحديث أن ط§ظ„ظ…ط¤ظ…ظ† معرض دائما لأنواع البلاء في هذه الدنيا ,في بدنه وأهله وماله كما قال الله تعالى”ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين ” (البقرة:155) .
والله عز وجلقدر البلاء على ط§ظ„ظ…ط¤ظ…ظ† ليكفر عنه سيئاته ويرفع درجاته , فإنه لا يصيبالمؤمن هم ولا حزن ولانصب ولا وصب , إلا كفر الله بها من خطاياه حتىالشوكة يشاكها وإن الرجل ليكون له عند الله المنزلة فما يبلغها بعمل , فلايزال الله يبتليه بما يكره حتى يبلغه تلك المنزلة كما أخبر بذلك الصادقالمصدوق صلى الله عليه وسلم وأما الكافر فلا يصيبه شيء من البلاء وإنأصابه لم يُكَفَّر عنه بسبب ذلك حتى يموت على حاله فيلقى الله بذنوبه كلهاكاملة موفورة ,من غير أن ينقص منها شئ .
وفي تمثيل النبي صلى الله عليه وسلم للمؤمن بالزرع وللكافر بالشجرة عدةلطائف منها: أن الزرع ضعيف مستضعف , والشجر قوي مستكبر متعاظم , وكذلك حالالمؤمن وحال الكافر , وأهل الجنة وأهل النار , كما وصفهم النبي صلى اللهعليه وسلم في ط£طط§ط¯ظٹط« كثيرة .
ومنها أن ط§ظ„ظ…ط¤ظ…ظ† يمشي مع البلاء حيثما مشى به , فيلين له , ويقلِّبه يمنةويسرة , وكلما أداره استدار معه , فلا يضره ذلك البلاء , كما أن الريحالعاصفة القوية يسلم منها الزرع , لأنه يلين لها , ولا ينتصب لمواجهتها, وفيه إشارة إلى تسليم ط§ظ„ظ…ط¤ظ…ظ† ورضاه بأقدار الله التي تجري عليه , وأماالكافر فلكفره وتعاظمه , يتقاوى على هذه الأقدار , ويستعصي عليها , كشجرالصنوبر الذي يستعصي على الرياح , ولا يستسلم لها , حتى إذا أراد الله أنيهلكه , سلط عليه ريحا قوية جدا لا يستطيع مقاومتها , فتقلعه من أصله مرةواحدة .
ومنها أن الزرع ينتفع به الناس بعد حصاده, فإنه يحصده أصحابه ثم يبقى منهبعد حصاده ما يلتقطه المساكين , وترعاه البهائم , وهكذا ط§ظ„ظ…ط¤ظ…ظ† يموت ويخلفما ينتفع به , من علم نافع , أو صدقة جارية , أو ولد صالح ينتفع به ويدعوله , أما الكافر فإذا اقتلع من الأرض لم يبق فيه نفع ,بل ربما خلف ما يضر , فهو كالشجرة المنجعفة المقلوعة من الأرض لا تصلح إلا لوقيد النار .
ومن لطائف التمثيل أيضا أن الزرع مبارك في حبه وما يخرج منه , كما ضربالله مثلا للحبة التي أنبتت سبع سنابل , في كل سنبلة مائة حبة , خلافاللشجر , فإن كل حبة غرست منه لا تزيد على إنبات شجرة واحدة .
وكما أن هذا الحب الذي يخرج من الزرع , هو مؤونة الآدميين , وغذاء أبدانهم , وسبب حياتهم, فكذلك الإيمان, هو قوت القلوب ,وغذاء الأرواح , وسببحياتها , ومتى ما فقدته القلوب ماتت , وموت القلوب لا يرجى معه حياة أبدا , بل هو هلاك الدنيا والآخرة.
ومن اللطائفالتي أفادها التمثيل في هذا الحديث أن الزرع وإن كان ضعيفا في نفسه إلاأنه يتقوى بما حوله ويعتضد به , بخلاف الشجر العظام فإن بعضها لا يشد بعضا , وكذلك حال المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم ,كالبنيان وكالجسدالواحد , إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر , ولذلكضرب الله تعالى مثل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالزرع لهذا المعنىفقال سبحانه :{ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه}(الفتح: الآية29) فشبهت الآية النبي صلى الله عليه وسلم وبعثته بالزرع لكثرة عطائهوخيره ، وشبهت أصحابه بشطأ الزرع الذي يتقوى الزرع به ويستغلظ حتى يعتدلويستقيم .
فهذا الحديث العظيم فيه تسلية للمؤمن عما يصيبه من محن وابتلاءات في هذهالحياة , فينبغي على العبد أن يستسلم لقضاء الله وقدره , وأن يعلم أن كلما يصيبه في الدنيا ففيه الخير له , فإن أصابته سراء فشكر كان خيرا له وإنأصابته ضراء فصبر كان خيرا له .
وقال ابنالقيم: ((هذا المثل ضرب للمؤمن وما يلقاه من عواصف البلاء والأوجاعوالأوجال وغيرها فلا يزال بين عافية وبلاء، ومحنة ومنحة، وصحة وسقم، وأمنوخوف، وغير ذلك، فيقع مرة ويقوم أخرى، ويميل تارة ويعتدل أخرى، فيكفر عنهبالبلاء ويمحص به ويخلص من كدره، والكافر كله خبث ولا يصلح إلا للوقودفليس في إصابته في الدنيا بأنواع البلاء من الحكمة والرحمة ما في إصابةالمؤمن فهذه حال ط§ظ„ظ…ط¤ظ…ظ† في الابتلاء))
و جعله فى ميزان حسناتك
ومعنى الحديث أن المؤمن معرض دائما لأنواع البلاء في هذه الدنيا ,في بدنه وأهله وماله كما قال الله تعالى”ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين ” (البقرة:155) .
اللهم اجعلنا من الصابرين